واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف

دعا امام وخطيب جمعة بغداد الشيخ جعفر الربيعي في خطبة الجمعة، الى بذل قصارى الجهود لتحقيق "التمكين الالهي"، مشدداً ان الوعد الإلهي لن يتحقق بمجرد ادعاء الإيمان أو الاكتفاء بممارسة العبادات والشعائر الظاهرية لكن لابد أن يتحول إلى حركة فاعلة دائبة تنطلق من منهج متكامل للحياة، مطالباً الحكومة بضرورة الالتفات الى دعم المرأة للقيام بواجبها المقدس لا سيما في رعاية أبناء الشهداء.

وقال الشيخ جعفر الربيعي من على منبر جامع الرحمن في المنصور ببغداد، أن "من اهم وظائف القائد دوره كأداة للتغيير الاجتماعي بمعناه الواسع (التنمية الشاملة) وكذلك دوره كأداة للتخطيط بمعنى تحديد الاهداف وترتيبها وتقدير المواقف وتحديد الوسائل اللازمة للتحرك من خلال الاستعانة باهل العلم والخبرة والاختصاص".

واضاف الربيعي "لقد طرحت لنا المرجعية الرشيدة استراتيجية عمل مهمة وهي التخطيط للتمكين الإلهي بالقول لكي نساهم في تحقق الوعد الإلهي واكتماله بظهور منقذ البشرية إمامنا المهدي الموعود فعلينا أن نبذل قصارى جهودنا في إدامة وتعزيز العلامات التي تمهد للتمكين الالهي ومنها ارتباطهم الوثيق بالله تعالى وإشاعة روح التكافل الإجتماعي بين أبناء المجتمع وكذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي يمثل الجهاز الرقابي على حركة الفرد والمجتمع قيادة وشعبا".

وتابع الربيعي "لكن الوعد الإلهي بتحقيق هذه الأمور لا يتم بمجرد ادعاء الإيمان أو الاكتفاء بممارسة العبادات والشعائر الظاهرية من دون أن يتحول إلى حركة فاعلة دائبة تنطلق من منهج متكامل للحياة فيجعل المرجعية للدين الحق في كل شؤون الحياة وتفاصيلها وفي كل عوالم الإنسان وسلوكه حتى في مشاعره وعواطفه وميوله فيجعل الله تعالى نصب عينيه ويجعل هدفه الوحيد تحقيق مرضاة الله تعالى وتجنب معصيته وغضبه سبحانه".

وشدد الربيعي ان "الاسرة اس رصين في عملية التمكين الالهي، فلحصول التمكين الإلهي واحدة من اهم اركانه الاسرة اللبنة الأساسية في بناء المجتمع الصالح وتقف على راس الهرم المرأة الكيان المقدس والحجر الطاهر وفي يومها العالمي نقف وقفة اجلال واكبار لما تقدمه من نماذج يحتذى بها فيكون لها دور مميز في تمهيد الأرض لصاحب الزمان، وفي نفس الوقت نطالب الحكومة بضرورة الالتفات الى دعم المرأة للقيام بواجبها المقدس لا سيما في رعاية أبناء الشهداء".

وبخصوص ذكرى استشهاد السيد الصدر الثاني، قال الربيعي، ان "القيادة في مدرسة اهل البيت عليهم تمثل مقام الحجية على الخلق لان القائد المعصوم قوله وفعله وتقريره حجة لأنه يمثل السماء بكل مواقفه بل نستفيد ايضا من سكوته امام ظاهرة اجتماعية متجذرة في المجتمع نستكشف الامضاء لهذه الظاهرة وهذا ما يسمى بالتقرير وبالتالي الموقف الشرعي لأنه الحافظ والمشرف والمطبق للمنظومة الإسلامية وفي زمن الغيبة فان القيادة ومقام الحجية على الخلق محصورة بالفقهاء العدول ، والروايات شاهدة على ذلك فقد أعطت عناوين متعددة للفقهاء منها ورثة الأنبياء واقرب الناس من درجة النبوة وامناء الله على خلقه وأحياء عند ربهم وان مداد العلماء يرجح على دماء الشهداء واخيرا فان النظر لوجههم عبادة".

وتابع الربيعي "تبين الروايات دور العلماء يتضمن بثلاث رسائل للأمة وهي رسالة تطمين ورسالة تحذير ورسالة دعوة فالرسالة الأولى وهي التطمين أي أن الله تعالى لا يخلي الأرض من العلماء العاملين المخلصين وأنه لابد من وجود مصلح في كل جيل ليواجه الشبهات والبدع والاهواء ويقوم بتنقية الاسلام من كل شائبة يحاول الصاقها به المبطلون وهذه مرجعية مطلقة فلا تقول هناك قائد سياسي واخر ديني بل القيادة بيد نائب المعصوم عليه السلام والساسة هم خبراء يستعين بهم الفقهاء".

واضاف "اما الرسالة الثانية فهي التحذير من فئتين من الناس، الفئة الأولى هم المدعون ما ليس لهم والمتصدون لمواقعٍ ليسوا مؤهلين لها من أهل الأهواء والبدع وطلاب الدنيا المتلبسين بعناوين دينية، فهؤلاء لا يتوانون عن تحريف الدين من أجل تحقيق مصالحهم وطرح البدع بعناوين مقدسة وخداع الناس بما ينسجم مع أهوائهم والفئة الثانية والتي لولاها لما نجحت الفئة الأولى وهم الجهلة والسذج من الناس المسرعين إلى كل شبهة والناعقين خلف كل ناعق ، فمن أراد أن يواجه المبطلين والمظلين عليه أن يقضي على الأرضية التي تنبت فيها أراءهم وهي أرضية الجهل ، لذا تجد أن العلماء المصلحين الحاملين لهموم الأمة يسعون جاهدين لرفع الجهل عنها بكل وسيلة لأنهم يراهنون على وعي الأمة لتحقيق أهدافهم".

وتابع "اما الأمر الثالث والأخير فهو العمل على صنع القيادة البديلة فان القرن من العلماء الذي يحملون رسالة التغيير هذا جزء من مسؤوليتهم والجزء الاخر اعداد القيادة البديلة ومن هذا المنطلق تحرك السيد الشهيد الصدر الثاني فإنه بعد أن علم أن المشروع الإلهي الذي يريد القيام به لا يتم بين ليلة وضحاها فعليه اذن قَبلَ كل شيء أن يثبت المبدأ الذي يضمن له استمرارية المشروع فسعى جاهدا الى اعداد البديل وبين اهمية (قيادة العلماء في عصر الغيبة) حتى علق في بعض كلماته وجود البشرية بوجود المجتهدين حيث يقول: (كل البشرية بدون مجتهدين تكون ضالة ومضلة ملحقة بالعدم ، إنما شأنها حقيقة بالمجتهدين) ومن ذلك قوله: (إن شغل الحوزة الشريفة هو أن تنيل المجتمع أقصى ما تستطيع من العدل والإحسان والرحمة وذلك لا يكون إلا بالاجتهاد".

وبين الربيعي "لكن السيد محمد الصدر لم يكن مجرد مفكر يلقي إلينا بالأفكار والمفاهيم ويترك علينا صناعة المصاديق وإنما هو صاحب مشروع واقعي أثر في الشارع وتفاعل معه المجتمع فلا يكفي أن يوضح لنا مفهوم المرجعية ليحفظ ما انجزه بل لابد أن ينتقل معنا إلى مرحلة تشخيص المصداق ، وهذه المسألة لم تكن غائبة عن ذهنه وقال إن هدفي إيجاد مرجعية صالحة وعادلة وحقيقية وقاضية لحوائج الناس تترفع عن الماديات وعن الدنيويات، وقال أنا كررت أنني أريد أن أربي بديلا مماثلا".

واشار الربيعي "فهذا البديل من إعداده وإيجاده وتربيته وبهذا يندفع كل احتمال من انه استخلف احد قرناءه أو من هو سابق عليه وتعين ان يكون هو احد طلابه وهذا ما أشار إليه بقوله قدس: (يوجد بالتأكيد هناك من طلابي وممن أتوخى منهم الإخلاص والتعب على نفسه والاجتهاد) إلى أن قال: (في حينه لعله سيكون بعض طلابي هو الأعلم ليس مجتهدا فقط بل أعلم فحينئذ يجب الرجوع إليه تقليدا وقيادة وبدأت تظهر الإشارات نحو أحد طلابه بأنه هو المقصود بالخصوص ، وهي إشارات كثيرة وبمتناول الأيدي حتى جاء البيان الأخير في الخامس من جمادى الثانية من السنة الأخيرة من حياته الشريفة التي نعيش ذكراها هذه الأيام ليعلن بوضوح في محضر موظفي المكتب وطلبة جامعة الصدر الدينية في مدرسة البغدادي ليقول والآن استطيع أن أقول أن جناب الشيخ محمد اليعقوبي هو المرشح الوحيد من حوزتنا إذا مد الله بي العمر إلى وقت شُهد باجتهاده فأنا لا أعدوا عنه هو الذي ينبغي أن يمسك الحوزة بعدي".

----------------------------------------------------------

واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف © Alhawza News Agency 2017 - 1438