المقالات والبحوث

شبهة مستعصية حول مقولة لاميرالكلام وسيد البلاغة علي ( عليه السلام )

شبهة مستعصية حول مقولة لاميرالكلام وسيد البلاغة علي ( عليه السلام )
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

 

 

بقلم ام منتظر الكاظمي

جامعة الزهراء (ع) للعلوم الدينية

 

ان اللغة العربية هي بحر واسع لايخوض عبابه الا البحار الماهر والربان المتميز

وحال اللغة العربية حال غيرها من العلوم تحتاج الى الاديب اللبيب والحاذق الفاهم والذي يستطيع ان يستخرج المعاني من قوالب الالفاظ

ومما لايخفى ان لغة القران وكذلك ماورد في سنة النبي واله جاء بهذه اللغة الساحرة والبديعة بل ان كلام الله وكلام المعصومين (ع) هو محيط واسع لايستطيع خوض غماره الا الفقيه الفاهم والبليغ العارف بفنون اللغة ومعاني الشريعة

ومن هنا نجد في موارد كثيرة ان هناك من العبارات ماحيرت حتى العلماء

نعم ..يوجد القلة ممن استطاع ان يفهم ويوجه هذه العبارات بماينسجم ويتفق ويتناسق ويتناسب مع الشريعة الغراء وروحها التي جعلت الانسان هو القيمة العليا في كل الكون ذكرا كان ام انثى

ونحن نحط رحالنا في اسطر وكلمات لنبين بما قدرنا الله ونرد شبهة وعويصة كلامية ومعنوية حول بعض البيان الذي ينسب الى امير الكلام علي (ع)

فمما روي عن اميرالمؤمنين (ع )انه قال :( أتقوا شرار النساء وكونوا من خيارهن على حذر ولاتطيعوهن في المعروف حتى لايطمعن في المنكر) نهج البلاغة

 

قد يستنكر البعض هذا الحديث ويقول كيف يمكن لامير المؤمنين (ع) ان يطعن في النساء وبهذا الكلام اعلاه .

للاجابة عن ذلك نقول :

في البداية نذكر احاديث لأمير المؤمنين (ع )يبين فيها مكانة المرأة ودورها الرئيسي في الاسرة وبناء المجتمع فتارة نراه ينظر اليها كآية من آيات الخلق الالهي وتجلٍ من تجليات الخالق عزوجل فيقول : ( عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم)

وتارة ينظر الى كل ماموجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول:

(لاتملك المرأة من أمرها ماجاوز نفسها فان المرأة ريحانة وليس قهرمانة )

اي ان المرأة ريحانة وزهرة , تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور .

فالامام هنا يصفها باروع الاوصاف حين جعلها ريحانة بكل ماتشتمل عليه هذه الكلمة من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة , أما القهرمانة فهو الذي يكلف بامور الخدمة والاشتغال . فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون محفوظة , مصانة , تعامل برقة وتخاطب برقة لها منزلتها وحضورها فلايمكن للزوج التفريط بها .

اما القهرمانة فهي المراة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون ان يكون لها مكانة عاطفية واحترام ورعاية من قبل الزوج .

ولو كان فقط هذا الحديث قد ورد عن أمير المؤمنين( ع) في حق المرأة لكفى فكيف وهو في أكثر من مناسبة وحديث يبين دورها ومكانتها ثم بعد ذلك كيف يمكن ان نقول انه يذم المرأة ويطعن في مكانتها ؟؟!!

والمرأة هي فاطمة بنت اسد امه العظيمة التي انشق لها جدار الكعبة

والمراة الزهراء (ع) البتول الحجة العظمى على جميع الائمة من ولد علي (ع)

والمرأة زينب (ع) العفة ورمز السماء والاباء 

 

التي كانت الوجه الاخر للفتح العاشورائي والانتصار الحسيني

ومعه فماذُكر من روايات وغيرها هي وفق السياق العام والقاعدة الكلية لنظرة الامام علي (ع) للمرأة ولمنزلتها ومكانتها وماورد خلاف ذلك لابد من حمله على عدة وجوه , لذا سنذكر عدة نقاط لتوجيه كلام الامام علي (ع) في الرواية التي اثيرت حولها الشبهات

فقرة (أتقوا شرار النساء ...): يمكن توجيه الفقرة بنقاط منها:

1-ان الشر ليس صناعة أنثوية فقط بل قد يصدر من الرجال والنساء على حد سواء فنراه يوصي (ع) في مكان اخر باتقاء الاشرار بصورة عامة كقوله: (صحبة الاشرار تكسب الشر كالريح اذا مرت بالنتن حملت نتنا ) غرر الحكم

وقوله: (إياك ومعاشرة الاشرار فانهم كالنار مباشرتهم تُحرق) عيون الحكم 

2-ان كلامه عليه السلام لايمكن اخذه على نحو القاعدة العامة الكلية للنساء لان سياق الحديث كان بعد واقعة معينة لبعض النساء الاشرار فيها دور سلبي - ولعله معركة الجمل- فلايمكن ان نتصور انه(ع) يعطي قاعدة عامة ورأيا سلبيا بالمراة بسبب تجربة مُرة مع امرأة بعينها فهو أرفع وأجل من ذلك , وإلا لو كان الامر كذلك لاعطى رأيا سلبيا بالرجال ايضا نتيجة مواقف بعضهم اتجاهه

فقرة(وكونوا من خيارهن على حذر ..):يمكن توجيه الفقرة بنقاط منها:

1)الحذر عادة لايكون من الاخيار إلا اذا كان ذلك الشخص قد اظهر أنه خيّر واضمر غير ذلك فالحذر منه لما اضمر فيكون خيره ليس بخير حقيقي, واذا رجعنا الى العرف نجده يحذر في مقام الذم من بعض من يدعي انه خيّر فيقال(دير بالك منه تره هذا خير) ومن هذا الباب قوله تعالى (ذق انك انت العزيز الكريم) الدخان 49

2)وقد يكون له معنى سلبي ان (يحذر فلان) اي ان يحذر شره وتصرفاته

وايجابي وهو ان يكون فلان في مقام الرفعة فيذكر من الكلام ما لابد من الاخذ به لكونه مطابق للعقل والعقلاء ومعه الحذر يتعلق بما ينبه عليه الشخص كما تقول (كن من قول الحكيم على حذر ) او كن من قول الخبير الطبيب على حذرٍ, وهذا في مقام مدح القائل لا الذم, فيكونم مرادأمير المؤمنين (ع)

 : ان النساء الخيرات كلامهن

 وافعالهن تطابق الحكمة فيؤخذ به

فيكون المورد في هذا المقطع في مقام المدح لا الذم بخلاف الفقرة الاولى

3)هو ان المراة الخيرة تكون بمرتبة عالية من الجمال الاخلاقي والرفعة والمنزلة فتحتاج الى تقدير وعناية وعدم تقصير معهن فيكون التقدير بمضاف اليه محذوف , والتقدير هو ( وكونوا من خيارهن على حذر من التقصير بحقوقهن )

ومثاله في اللغة المصداق للمجاز في الحذف قوله تعالى ( واسأل القرية ) اي اهل القرية 

فقرة (ولاتطيعوهن في المعروف حتى لايطمعن في المنكر)

1)ان يكون القصد من المعروف مايأمر به العرف , قال تعالى ( خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين ) فيكون معنى هذه الفقرة انه لاتطيعوا المرأة في كل الامور العرفية العامة والمباحات لان طبع المرأة ميال الى الجمال والسعة فلعله تتحرك من هذه المساحة الى موارد غير راجحة ومذمومة 

بعبارة اخرى :عاملوا المراة بمعاملة عرفية عقلائية بمستوى متوسط كي تضمن ان لايكون هناك انحراف عن الجادة الوسطى

2)هذا نفسه لايختلف لو قيل لاتعطِ اولادك كل مايريدون لانهم سيتعودون على ماهو أعلى من الحاجات فيضغطون اسريا واقتصاديا على الاب لتلبية ذلك فلعله يكون دافعا له للذهاب الى ساحة المنكر

ومن هنا وبهذه العجالة بينا بعض ما نفهمه من عبارات امير المؤمنين (ع) والتي بها يدفع ان عليا( ع) - والذي كانت عدالته وبلاغته ذات افق رحيب يتسع للجميع -

قد ذم المرأة عموما او انتقص من مخلوق قد جعل الله تعالى الجنة تحت قدم صنف منه وهي الام وحاشا ابن فاطمة وزوج فاطمة ان يصدر منه ذلك

هذا كله وما وضحناه يفهمه اولي الالباب من العقلاء والادباء والعلماء

ولوجدلا وتنزلا لم يقبل بهذه الوجوه كلها مع انها عرفية وعقلائية ولغوية فنقول:

اما ان علم هذه العبارات يرد الى اهلها لانها مجملة وتتعارض من المحكمات من كلام امير المؤمنين (ع) في مدح المراة الام والمرأة الزوجة والمرأة البنت

او نقول غير ذلك بلحاظ سند هذا الحديث

وكلها تخريجات تدفع شبهة من يتقول بغير ذلك

ونختم كلامنا بحديث ورد عن الامام الصادق (ع) حيث قال:((ولايكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا ،وان الكلمة من كلامنا لتنصرف على سبعين وجها لنا من جميعها المخرج)) معاني الاخبار

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار