المقالات والبحوث

الغدير في كلمات

الغدير في كلمات
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

بقلم : الشيخ عمار الشتيلي

.................

قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة (67)

 

ابارك لكم تجدد ذكرى عيد الاسلام الأكبر ؛ يوم الغدير الاغر في ال١٨ من ذي الحجة، وبهذه المناسبة العظيمة، نحاول أن نطل على هذه الذكرى إطلالة ولائية بكلمات : 

 

الكلمة الأولى : الغدير ليس مجرد حدث تأريخي لزمن معين وفي مكان معين ولمجموعة خاصة كما يسعى بعضهم لتحديده في هذا الإطار ، و انما هو رسالة إنسانية ممتدة، وثقافة متكاملة الإبعاد شملت جميع جوانب الحياة التي تحتاجها المسيرة البشرية، وهذه الرسالة قد تناقلتها الأنبياء والرسل عبر التاريخ حتى آلت إلى النبي الخاتم صلى الله عليه وآله ، ثم تجسّدت وتبلورت عند الإمام علي ع على هيئة واقعة الغدير. 

وهي الثقافة التي جسَّدها صاحب البيعة ع نظريا وعمليا لبناء الإنسان وبناء المجتمع وتشييد الحكومة العادلة التي تقنن تشريعاتها من أجل الإنسان، والتي تستمد فلسفة قوانينها من توجيهات السماء، ونظرتها الواقعية التفصيلية الى ما يصلح به واقع البشرية عبر مراحل التاريخ الإنساني. 

 

روى عن الإمام الصادق ع : ( إِنَّ الْقُرْآنَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ، وَ إِنَّهُ يَجْرِي كَمَا يَجْرِي اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَ كَمَا يَجْرِي الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ، وَ يَجْرِي عَلَى آخِرِنَا كَمَا يَجْرِي عَلَى أَوَّلِنَا).

______________________

 

الكلمة الثانية : ان النبي الاكرم صلى الله عليه وآله كان ينظر للإمام علي ع نظرة متجردة من متعلقات الحكم الذي نفهمه، أو الذي فهمه بعضهم وجعله في قواميس الحكام وتهالكهم على السلطة.

إنما هي نظرة سيتراتيجية بعيدة المدى تتعلق بالاستمرار في اكمال البناء الحقيقي الذي بدأه رسول الله صلى الله عليه وآله، وترسيخ الاسس التي تنقل الأمة من مرحلة الجاهلية الى مرحلة التحضر و التفكر و بناء دولة الانسان .

ان مرحلة النبوة بكل مساحتها المعطاءة التي وصل اليها الاسلام ، وبكل التحديات التي واجهتها لم تستطع ضمان استكمال البناء المجتمعي والفردي، وانما استكملت المستلزمات النفسية للساحة التي يتحرك من خلالها أمير المؤمنين ع بعد النبي صلى الله عليه وآله لاكمال مشروع بناء الانسان في الدولة، وبناء الدولة ذاتها في محيطها العالمي.

________________

الكلمة الثالثة : إن تنصيب الإمام علي ع ولياً لأمر المسلمين من قبل النبي صلى الله عليه وآله هو تجسيد عملي لرؤية بعيدة لإدارة المجتمع ونظم اموره.

 فالإسلام يدرك أهمية مسألة إدارة المجتمع ، فلم يهملها أو يتعامل معها ببرود، فجاء تعيين الإمام ع بما يحمله من صفات ومؤهلات كالعلم والعدل والتقوى ونظم الأمور وحسن الإدارة، من بين كل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، تثبيتا لأهمية انتخاب الأشخاص الذين تناط بهم مقاليد مؤسسات المشروع الإسلامي، وهذه الَمعايير والمؤهلات لا يكون فيها أي مجال للمساومة ولا المجاملة ولا المحاباة، ولا تكون إدارة الأمور شرعة بيد الأبناء والإصرار والحواشي والمقربين والمتلمقين حتى مع فرض فقدانهم للمؤهل العلمي والإداري و التقوائي. 

 

قال تعالى : (قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ 54

 قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) يوسف 55.

 

روى عن الإمام الرضا ع : ( إِنَّ الْإِمَامَةَ زِمَامُ الدِّينِ وَ نِظَامُ الْمُسْلِمِينَ وَ صَلَاحُ الدُّنْيَا وَ عِزُّ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ الْإِمَامَةَ أُسُّ الْإِسْلَامِ النَّامِي وَ فَرْعُهُ السَّامِي ، بِالْإِمَامِ تَمَامُ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ وَ تَوْفِيرُ الْفَيْ‏ءِ وَ الصَّدَقَاتِ وَ إِمْضَاءُ الْحُدُودِ وَ الْأَحْكَامِ وَ مَنْعُ الثُّغُورِ وَ الْأَطْرَافِ..) 

1. الكافي : 1/ 198

 

وللحديث بقية في كلمات أخرى

____________

الشيخ عمار الشتيلي

النجف الاشرف

١٨ ذ ح ١٤٤١ هج

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار