المقالات والبحوث

الغدير في كلمات الحلقة الثالثة

الغدير في كلمات    الحلقة الثالثة
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

الحلقة الثالثة

الكلمة الخامسة : العقلية السياسية للنبي الاكرم صلى الله عليه وآله، والتي تتلمذ عليها الامام علي ع، وانطبعت مفاهيمها في رؤيته السياسية، ونظره الفكري ؛ هذه العقلية الجبارة تميزت يوم الغدير بالإرادة والمبادرة ووضع الايدلوجية المناسبة والتخطيط الزمكاني المناسب و البيان المؤثر وإدارة الموقف بثبات وثقه؛ عند تنصيب الخليفة الذي يضمن الاستمرار في خطا ثابتة لاكمال مشروع السماء في بناء الإنسان وتشييد المجتمع الفاضل وقيادة الحياة. 

فاختيار موسم الحج كان مدروسا وفق توقيت مناسب،بما يمثله من : 

١. أهمية روحية كبرى في نفوس المسلمين. 

٢. المشاركة الجماهيرية الواسعة ، وهذا سيحقق اعلاما هادفا لموضوع الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وآله، وتوجيه مسار المسلمين نحو القيادة التي تراسهم . 

 

٣. اختيار غدير خم كنقطة دلالية بما تحمله من مقوم مكاني في مسالك الطرق بأعتباره المفترق الذي تتفرق منه القوافل الى شتى انحاء البلاد.

 

هكذا عقلية فذة استطاعت إدارة الحدث التاريخي المفصلي في مسيرة الرسالة الإلهية في ظرف سياسي حرج داخليا بوجود تيارات المعارضة للمرشح المناسب، وحرج خارجيا بوجود القوى العظمى التي تراقب وتخطط لإجهاض المشروع الإسلامي الذي تقوده النبوه . 

وهنا تتميز القيادة وتكون لائقة لأخذ زمام الأمة نحو الصلاح والإصلاح والبناء وتشييد الدولة العادلة وحفظ الحقوق وصيانة الحرمات. 

وهي بحق تكون الجاذبة للجمهور لاتباعها واطاعتها والمعية معها والكون في ركابها. 

 

لكن هذا يحتاج الى ثقافة بموضوعة القيادة، ووعي لصفاتها ومؤهلاتها ، وفهم لادوارها، ومتابعة بعيدة عن الجمود والعمى لمدى التزامها لما تحمله من رؤى وأفكار وما تطرحه من مشاريع وشعارات، 

كي لا تكون العاطفة الواهمة غير الموجهة طريقا للاتباع كما صنع كثير من المسلمين الذين توهموا تميز بعض الصحابة ولياقتهم للقيادة؛ لا لشيء إلا لأنهم كانوا يلجون تحت عباءة النبي صلى الله عليه وآله، وصاحبوه وجاهدوا معه ، واكتسبوا كثيرا من الأوسمة والعنوانات الدينية التي كانت ولا زالت تحرك العاطفة لاتباعهم واتباع أبنائهم، دون النظر الى استقامتهم الدينية والسياسية والاجتماعية بعد رحيله، ومدى تمسكهم بالصراط المستقيم الذي أسس له، وجعله فيصلا للتميز بين الثابتين والمنقلبين. 

قال تعالى : (أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) يونس35

وأشارت لذلك السيدة الزهراء ع في خطتها الصغرى :

( ألا هلم فاستمع وما عشت أراك الدهر عجبا وإن تعجب فعجب قولهم، ليت شعري إلى أي سناد استندوا وعلى أي عماد اعتمدوا، وبأية عروة تمسكوا. وعلى أيه ذرية أقدموا واحتنكوا لبئس المولى ولبئس العشير، وبئس للظالمين بدلا..) 

( البحار، المجلسي، ج ٤٣، ص١٦٠) 

 

ولا يكون الهوى ورغبات الذات والعصبية والانتمائية مقاييس للاختيار والاتباع دون النظر والتحقق والتأمل والتمعن في شخصية القيادة ومدى انسجامها مع مراد الشارع ومذاق الشريعة فيما تضطلع به من مسؤوليات وتمثله من توجهات، قال تعالى : 

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) البقره170

 

أو قد ينتصر العقل الجمعي الذي يستبطن ثلاث حالات، حالة عدم دراسة العواقب، حالة فقدان الإحساس بالمسؤولية، حالة عدم القدرة على ضبط الانفعالات، فعندما يسترسل الإنسان مع الصيحات الغوغائية من دون دراسة للعواقب ولا ضبط للانفعالات ولا إحساس بالمسؤولية،

 ستتوجه قناعاته النفسية لتأييد من لا تجتمع عندهم مؤهلات القيادة، وتكون نظرة حشر مع الناس عيد، والأنبهار بسعة التأييد الشعبي، والشياع الفاقد للوعي ، مقاييس الاتباع والمؤازرة. 

 

قال تعال : ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) الجمعة ١١

 

والمصالح قد لا تكون بعيدة عن محور الحديث، فهي نوافذ للاتباع والتصديق والهتاف لمن طرح _ بضم الطاء وكسر الراء _ للقيادة وهو فاقد للصفات.

كما صرح بذلك عمرو بن العاص :

معاوي لا أعطيك ديني و لم أنل

به منك دنيا فانظرن كيف تصنع

فإن تعطني مصرا فأربح بصفقة

أخذت بها شيخا يضر و ينفع.

شرح النهج، المعتزلي، ج٢، ص٦٧

 

اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه

اللهم ثبتنا على ولاية أمير المؤمنين ع

         

 @AAZzfj

                        ___

الشيخ عمار الشتيلي

النجف الاشرف

١٩ ذ ح ١٤٤١ هج

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار