المقالات والبحوث

الإمام الحسين عليه السلام وموقف الحياد

الإمام الحسين عليه السلام وموقف الحياد
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

 

بقلم الشيخ عماد مجوت

 

بين الحق والباطل لا مساحة للحياد يمكن للإنسان أن يتحرك فيها، أو تلة يمكن أن يقف عليها، فإدعاء الحياد في واقعه وقوفا مبطنا مع الباطل ، وقد اوصى الإمام الحسين عليه السلام عبد الله بن الحر عندما رفض مناصرته بقوله عليه السلام : «إن قدرت على أن لا تسمَعَ واعيتنا فافعل؛ لأنّه ما سمع واعيتنا شخصٌ ثمّ لم ينصرنا إلّا أكبّه الله على وجهه يوم القيامة في جهنّم » (1). فلا فاصل بين الحق والباطل. 

 

واليوم تمثل الواعية صوت ثورته وحركته عليه السلام، وهي تهتف بإذن الزمن جيلا بعد جيل، ونصرته تكون بحسب كل زمان ومكان، ومنها نصرته بالدفاع عن قضيته ومناصرة مبادئه، والوقوف مع الحق بلا مجاملة ونبذ الباطل بلا مخاتلة. 

ولم يكن الخلاف بين الإمام عليه السلام ويزيد خلافا شخصيا حتى ينتهي بشهادته عليه السلام؛ وإنما هو خلاف يمتد من عمق التأريخ إلى نهاية الدنيا ، دائر بين الحق والباطل، ولجليل قدر الإمام عليه السلام وما شملته نهضته أصبح عليه السلام صورة الحق ووجهه، ولشديد جرم يزيد وبشاعته أصبح صورة الباطل ووجهه، ففي كل زمان يوجد حق وباطل، ويوجد حسين عليه السلام ويزيد ، والمنطق هو المنطق بينهما، ولا مساحة للوقوف بينهما ، ولا لسامع واعية الحق إلا إجابتها، أو جلوسه بحيث لا يسمع الواعية ، وقد قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكونوا مَعَ الصّادِقينَ﴾[التوبة: ١١٩]. وقد دعا تعالى إلى مناصرة رسول الله صلى الله عليه وآله وعدم الرغبة عنه في قوله تعالى:﴿ما كانَ لِأَهلِ المَدينَةِ وَمَن حَولَهُم مِنَ الأَعرابِ أَن يَتَخَلَّفوا عَن رَسولِ اللَّهِ وَلا يَرغَبوا بِأَنفُسِهِم عَن نَفسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُم لا يُصيبُهُم ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخمَصَةٌ في سَبيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئونَ مَوطِئًا يَغيظُ الكُفّارَ وَلا يَنالونَ مِن عَدُوٍّ نَيلًا إِلّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ * وَلا يُنفِقونَ نَفَقَةً صَغيرَةً وَلا كَبيرَةً وَلا يَقطَعونَ وادِيًا إِلّا كُتِبَ لَهُم لِيَجزِيَهُمُ اللَّهُ أَحسَنَ ما كانوا يَعمَلونَ﴾[التوبة: ١٢٠-١٢١]. وقد نص الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله أنه وسيد شباب أهل الجنة واحد بقوله :”حسينٌ منّي وأنا من حسين، أحبّ الله مَنْ أحبّ حسينًا وأبغض الله مَنْ أبغض حسينًا“ حتى قيل بأن الإسلام محمدي الوجود ، حسيني البقاء ، لأنه أصبح ممثلا لصوت الحق الذي يقلق كل ظلم ، فحيث كان الحق فالحسين عليه السلام حاضرا.  

___________

 

(1) تاريخ الاُمم والملوك (الطبري) 5:407 بحسب الطبعة الثانية لدار التراث ببيروت، والفتوح 5:73 ـ 74.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار