المقالات والبحوث

الإمام الحسين عليه السلام والإصلاح الإجتماعي

الإمام الحسين عليه السلام والإصلاح الإجتماعي
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

بقلم الشيخ عماد مجوت

ما يميز حركة الأنبياء عليهم السلام الإصلاحية هي الشمول النهضوي الذي يجمع بين الإصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي وهو عنوان يقارن حركة الدين ، فإذا قيل حركة دينية فهي حركة تجمع بين هذه الثلاث ، والتي أصبح رمزها هو الإمام الحسين عليه السلام، فلا تجد تفريدا لواحدة من هذه الجوانب في حركته عليه السلام التي رسمها من خلال أهداف ثورته التي عبّر عنها بقوله:"ما خرجتُ أشراً ولا بطراً ولا مُفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي، لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر". فطلب الإصلاح لا ينسجم مع الفساد والظلم والبطر، وهو منهج قرآني حدده تعالى بقوله : ﴿وَقالَ موسى لِأَخيهِ هارونَ اخلُفني في قَومي وَأَصلِح وَلا تَتَّبِع سَبيلَ المُفسِدينَ﴾[الأعراف: ١٤٢]. 

 

ولا ينسجم منطق الإصلاح مع المنافسة على السلطان ، أو طلب حطام الدنيا كما صرح بذلك بقوله (عليه السلام): "اللهمّ إنّك تعلم إنّه لم يكن الذي كان منّا منافسةً في سلطان ولا التماساً لفضول الحطام، ولكنّ لنردّ المعالم من دينك، ونُظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويُعمل بفرائضك وسنّتك وأحكامك". وهذا هو الفارق بين المتلبس بمنهج الإصلاح الحسيني، وبين المدعي له .

والفارق بين صدق المنهج وإدعائه، هو بذل النفوس لأجل لقاء الله تعالى، وعدم الرغبة في مجاورة الظالمين كما رسم ذلك في قوله عليه السلام : «ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقاً، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الضالمين إلا برما».

 

ومن هنا كنت رمزية الإمام عليه السلام صورة ماثلة لكل من يحمل خصائص المصلح ووضوح شخصيته، ليتميز الحسيني المتبع عن غيره المدعي، كما في قوله عليه السلام : "و لعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب القائم بالقسط الدائن بدين الحق الحابس نفسه في ذات الله". 

ولا يدعي التغير والإصلاح إلا من تخلى عن سبل الشيطان وألتزم طاعة الرحمن ، كما في قوله عليه السلام : "الاّ إنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله. وأنا أحقّ ممّن غيّر". فهو عليه السلام "أحقّ ممّن غيّر " لأنه ملازم لطاعةالرحمن تارك لطاعة الشيطان، فمن عكس فهو مدع.

وهو المعيار الفاصل بين الإصلاح الديني الحسيني الشامل لهذه المناحي الثلاث وبين غيره المدعي لذلك ، حيث رسمه عليه السلام بقوله : " و يزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق و مثلى لا يبايع مثله ". وبقوله عليه السلام "و مثلى لا يبايع مثله" فتح الباب لإمتداد الإصلاح بالأهداف والعنوان، ومن هنا كان سفينة نوح عليه السلام لا جبل يعصم غيرها ﴿وَهِيَ تَجري بِهِم في مَوجٍ كَالجِبالِ وَنادى نوحٌ ابنَهُ وَكانَ في مَعزِلٍ يا بُنَيَّ اركَب مَعَنا وَلا تَكُن مَعَ الكافِرينَ * قالَ سَآوي إِلى جَبَلٍ يَعصِمُني مِنَ الماءِ قالَ لا عاصِمَ اليَومَ مِن أَمرِ اللَّهِ إِلّا مَن رَحِمَ وَحالَ بَينَهُمَا المَوجُ فَكانَ مِنَ المُغرَقينَ﴾[هود: ٤٢-٤٣].

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار