المقالات والبحوث

الدين و الاستقلال الفكري

الدين و الاستقلال الفكري
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

 

الشيخ عماد مجوت

 

    في عمق التاريخ ثمة منازعة بين استعمار الإنسان واستقلاله، وواحدة من أهم وظائف الدين ، وحملة مبادئه هو تحرير الإنسان من الاستعمار الذي يحتل عقله . ووعيه ، وفكره ، مسخرا لها في مصب تدوينات و مقالات المتبوعين ، من دون أولاء أهمية لميزان العقل والحكمة .

#وقد سجل قاموس الدين ورجاله، سعيا حثيثا لتحرير الإنسان، وأرجاعه إلى دوره الفطري الذي ينطلق من إستخدام مواهبه اللدنية الذاتية بما تشكله من مقدمات يرتب عليها نتاج التعاطي مع ساحة الفكر والوعي، بحثا عن صراط الاستقامة. 

بدأت رحلة الإنسان بما يملكه من أدوات تهيئه للدخول في تلك الساحة ،أبتداءا من قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخرَجَكُم مِن بُطونِ أُمَّهاتِكُم لا تَعلَمونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ﴾ [النحل: ٧٨] .ثم أريد منه استعمال تلك الأدوات في تلك الساحة ليعمل العقل، ويتحصن بالوعي : ﴿أَفَلَم يَسيروا فِي الأَرضِ فَتَكونَ لَهُم قُلوبٌ يَعقِلونَ بِها أَو آذانٌ يَسمَعونَ بِها فَإِنَّها لا تَعمَى الأَبصارُ وَلكِن تَعمَى القُلوبُ الَّتي فِي الصُّدورِ﴾ [الحج: ٤٦] . 

#وما إن يتخلى المرء عن أدوات الوعي ، فهو متيح لغيره أن يستعمره فكريا، مغيبا لوعيه بما يجعله لا يرى إلا ما يراه متبوعه ولا يسمع إلا ما يسمعه : ﴿قالَ الَّذينَ استَكبَروا لِلَّذينَ استُضعِفوا أَنَحنُ صَدَدناكُم عَنِ الهُدى بَعدَ إِذ جاءَكُم بَل كُنتُم مُجرِمينَ * وَقالَ الَّذينَ استُضعِفوا لِلَّذينَ استَكبَروا بَل مَكرُ اللَّيلِ وَالنَّهارِ إِذ تَأمُرونَنا أَن نَكفُرَ بِاللَّهِ وَنَجعَلَ لَهُ أَندادًا وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمّا رَأَوُا العَذابَ وَجَعَلنَا الأَغلالَ في أَعناقِ الَّذينَ كَفَروا هَل يُجزَونَ إِلّا ما كانوا يَعمَلونَ﴾ [سبأ: ٣٢-٣٣] . فالأغلال هي غياب حالة الوعي ، بغياب أدواته: ﴿إِنّا جَعَلنا في أَعناقِهِم أَغلالًا فَهِيَ إِلَى الأَذقانِ فَهُم مُقمَحونَ * وَجَعَلنا مِن بَينِ أَيديهِم سَدًّا وَمِن خَلفِهِم سَدًّا فَأَغشَيناهُم فَهُم لا يُبصِرونَ * وَسَواءٌ عَلَيهِم أَأَنذَرتَهُم أَم لَم تُنذِرهُم لا يُؤمِنونَ﴾[يس: ٨-١٠] .

 #وهكذا أمتدت حرب التبعية والاستقلال في الساحة الفكرية، بين تغيب الوعي وحضوره، ليجد إستعمار الإنسان بإستعمار وعيه وفهمه طرقا جديدة للدخول إلى ساحته الفكرية والعقلية بتغيبها تارة، وإظهارها بقالب العاطفة و أثرها تارة أخرى.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار