المقالات والبحوث

الإنتظار بين الشرائط والعلامات

الإنتظار بين الشرائط والعلامات
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

 

بقلم الشيخ عماد مجوت

 

  تمثل مسألة الإنتظار وما يرتبط بعقيدة الظهور المبارك للإمام الموعود عليه السلام أولى أولويات مسائل الإهتمام عند المؤمن الرسالي، فهو يجد فيها مسألة مرتبطة بوجوده من جهة حيث تمثل له أملا منشودا يسعى له، ومن جهة أخرى تؤمن له صحة اعتقاده ، ومسؤولية شرعية من جهة أخرى.

 

#ومن هنا كان من مقدمات أهتماماته المرتبطة بثقافة الإنتظار محاولة الإجابة عن مسألة تقديم الأهم في الإهتمام، في دائرة الشرائط والعلامات، وهل الأهم هو الإهتمام بالشرائط ؟ ولا يكترث بالعلامات، بإعتبار أن الحتمية منها لاتتعدى الخمسة، والبقية داخلة تحت قانون المحو والإثبات، فيمكن أن تتغير ويمكن أن تتبدل، ويمكن أن تتقدم، أو تتأخر، فلا يحتاج أن يهتم بها المرء، فضلاً عن إسقاطها على المصاديق الخارجية. لأنها في الأعم الأغلب خاطئة، ولا يكون لها حظ الإصابة للواقع، وبالتالي كان الأهم هو الإعداد النفسي والروحي بما يهيئ للإنسان أن يكون في كل وقتٍ متأهباً ومتحضراً للإلتحاق بركب الإمام عليه السلام، وبالتالي هو لا بد أن يوفر شرائط الإنتماء، و شرائط الإلتحاق، وشرائط الثبات لأنه غير مضمون، كما في النصوص المتحدثة عن معارك الإمام (عليه السلام) من ان هناك من سوف يتركه ويذهب الى غيره كما هو المعروف بعنوان يوم الابدال.وعليه هو يحتاج الى هذا الإستعداد من دون حاجة إلى الإهتمام الزائد بالعلامات، والظاهر أن هناك روايات كثيرة تتحدث عن إستعداد الأصحاب وأنهم كانوا في ليلة الجمعة و في يومها يستعدون للظهور، وكيف كانوا يعدون انفسهم، وسلاحهم. 

 

#في قبال ذلك يوجد من يقول بأن الأولوية للعلامات لأن الاهتمام بها يولد الإهتمام بالشرائط، فكلما كانت العلامات أقرب الى الملامسة و أقرب الى الواقع كلما جعلت الإنسان أكثر جدية وهمةً وعزماً في تحصيل الشرائط و الإلتحاق والإستعداد والثبات، من هنا نجد أن القرآن الكريم كان يحرك مجتمعات من خلال الحديث عن صفات النبي صلى الله عليه واله كما في قوله تعالى: ﴿الَّذينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذي يَجِدونَهُ مَكتوبًا عِندَهُم فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعروفِ وَيَنهاهُم عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَالأَغلالَ الَّتي كانَت عَلَيهِم فَالَّذينَ آمَنوا بِهِ وَعَزَّروهُ وَنَصَروهُ وَاتَّبَعُوا النّورَ الَّذي أُنزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾[الأعراف: ١٥٧].

فكانت هذه الصفات محركة للباحثين عنه (صلى الله عليه وآله وسلم). والبحث عن الحقيقة، وطلب الإلتحاق بركب هذا النبي (صلى الله عليه واله). مثل سلمان المحمدي رضوان الله عليه وغيره مما هو مذكور في التأريخ، بل كانت تنتظره أمم كاليهود والنصارى، لأنهم وجدوا علامته في كتبهم. وبالتالي كانت الصفات هي محركهم ودليلهم عليه.

 

#نعم الحق هو أن القرآن الكريم في نفس الوقت الذي تحدث فيه عن العلامات دعا الى أهمية إقامة الشرائط، كما في قوله تعالى الموجه إلى تلك الأمم المبشرة بالعلامات : ﴿قُل يا أَهلَ الكِتابِ لَستُم عَلى شَيءٍ حَتّى تُقيمُوا التَّوراةَ وَالإِنجيلَ وَما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم وَلَيَزيدَنَّ كَثيرًا مِنهُم ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ طُغيانًا وَكُفرًا فَلا تَأسَ عَلَى القَومِ الكافِرينَ﴾[المائدة: ٦٨]. ومدح المهتمين بالشرائط والمقيمين لها كما في قوله تعالى: ﴿وَالَّذينَ يُمَسِّكونَ بِالكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنّا لا نُضيعُ أَجرَ المُصلِحينَ﴾[الأعراف: ١٧٠]

 

#فالقرآن الذي يمثل منهج الإستقامة:﴿إِنَّ هذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا كَبيرًا﴾[الإسراء: ٩]. يدعو إلى الجمع كما في الآيات المتقدمة، وهو أكمل عند العقلاء وأحوط خصوصا في مثل هذه المسألة. 

#عموماً الذي ينبغي أن يقال بعد فصل بسط المقام في هذه المقدمة. أن الشرائط والصفات عينان ينبغي أن ينظر من خلالهما المنتظر حتى يكون في ركب المنتظرين للظهور، والإمام عليه السلام, فعين على الشرائط وبناء النفس والإستعداد، وعين على العلامات لعل فيها ما يمكن أن يكون مقرباً للواقع والظهور .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار