المقالات والبحوث

الدين وحملة الرسالة

الدين وحملة الرسالة
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

 

الشيخ عماد مجوت

 

   لم يكن الدين يوما حالة منفصلة عن الإنسان وسلوكه، وتعاملاته، إذ أنه يمثل الحالة القانونية لتوجيه الإنسان تجاه الإستقامة النفسية والاجتماعية. 

 

#وبطبيعة إعتزاز الإنسان بما يعتقده ولو لم يكن حقا، وحاكمية الهوى أحيانا الغالب على العقل كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام:( كم من عقل أسير تحت هوى أمير ) ، واجه حملة الرسالة صعوبة في إبلاغها وإيصالها إلى الناس.

ولكن هدف الدين الداعي إلى انتشال الإنسان من تبعية الهوى وعصبية الإنتماء، وخدمة منهج الظلم، وجعل الإنسان سيدا للعالم، لم يجعل واحدة من مهام حملة الرسالة التوقف عند كل مفردة أو موقف ينالونه في تبليغهم الرسالة، بقدر ما كان يدعو إلى إيجاد أرضية الهداية لهم وإخراجهم من ظلمات الوهم إلى نور الإيمان. 

 

#والقرآن الكريم يحدثنا عن صور تعبر عن كبر نفس حملة وحي السماء، وعدم ألتفاتهم للقضايا الشخصية التي تنال منهم؛ لأنها ذائبة في قضيتهم الأكبر التي هي خدمة الإنسان وإن كان متعديا على الحق الشخصي .

 

#ففي الوقت الذي يصف قوم هود نبيهم بالسفاهة والكذب :﴿قالَ المَلَأُ الَّذينَ كَفَروا مِن قَومِهِ إِنّا لَنَراكَ في سَفاهَةٍ وَإِنّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذِبينَ﴾[الأعراف: ٦٦]. لم يلتفت عليه السلام للإنتقاص منه بقدر أهتمامه بتبليغ رسالة السماء وإخراجهم من وهم ما هم عليه، فواجههم بكل برودة أعصاب بأنه على غير ما يتصوروا : ﴿قالَ يا قَومِ لَيسَ بي سَفاهَةٌ وَلكِنّي رَسولٌ مِن رَبِّ العالَمينَ * أُبَلِّغُكُم رِسالاتِ رَبّي وَأَنا لَكُم ناصِحٌ أَمينٌ﴾[الأعراف: ٦٧-٦٨].

وهكذا جميع رجالات السماء ومنهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله حيث الانتقال الإجتماعي من الصادق الأمين إلى: ﴿وَقالوا يا أَيُّهَا الَّذي نُزِّلَ عَلَيهِ الذِّكرُ إِنَّكَ لَمَجنونٌ﴾[الحجر: ٦] ، ومع كل هذا لم يلتفت إلى نفسه ( صلى الله عليه وآله وسلم)، بل لسانه لسان الأنبياء عليهم السلام: ﴿قالَت لَهُم رُسُلُهُم إِن نَحنُ إِلّا بَشَرٌ مِثلُكُم وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ .. وَلَنَصبِرَنَّ عَلى ما آذَيتُمونا وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلونَ﴾[إبراهيم: ١١-١٢]. وترك ذلك إلى ربه متكفلا به:﴿فَاصدَع بِما تُؤمَرُ وَأَعرِض عَنِ المُشرِكينَ * إِنّا كَفَيناكَ المُستَهزِئينَ﴾[الحجر: ٩٤-٩٥] .

 

#إن ما يحتاجه حملة الإسلام المحمدي، والداعون إلى الله تعالى، والممهدون لدولة العدل الإلهي، اليوم هو التأسي بتلك المواقف التي حكاها القرآن الكريم عن رجالاته المبلغون لرسالته. 

 

#نعم طبيعة تغير القناعات الرسخة لبعض الشباب ( المتأتية من ردة فعل جعلته يرتمي في أحضان دعوات الإلحاد، أو الشباب المحارب للدين وأهله لصعوبة ظرفه الإقتصادي الذي ضيقته عليه الأحزاب السياسية المسماة بأسماء دينية، أو حتى الشباب المرتبط بحركات دينية يرى أنها الحق الذي ليس بعده حق) ، ليست بالوظيفة السهلة، مع ما يسمعونه او يرونه منهم، ولكن ما يهون الأمر أن جميع هؤلاء الشباب يحملون قلوبا طاهرة بيضاء تحتاج إلى قلوب مفتوحة لهم تكون مرآة تريهم الحقيقة ونقاء الدين : ﴿فَبِما رَحمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُم وَلَو كُنتَ فَظًّا غَليظَ القَلبِ لَانفَضّوا مِن حَولِكَ فَاعفُ عَنهُم وَاستَغفِر لَهُم وَشاوِرهُم فِي الأَمرِ فَإِذا عَزَمتَ فَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلينَ﴾[آل عمران: ١٥٩].

 

.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار