المقالات والبحوث

العمل الإسلامي بين المؤسسة الثقافية والخيرية

العمل الإسلامي بين المؤسسة الثقافية والخيرية
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف

العمل الإسلامي بين المؤسسة الثقافية والخيرية 

 

الشيخ علي البصري 

 

إذا لاحظنا العمل الإسلامي في العراق وبخاصة بعد فترة سقوط النظام البائد , نجد أنه كان هناك نشاط بارز للمؤسسات الثقافية والإجتماعية والإصلاحية وكانت أغلب المؤسسات الدينية التي شكّلها العاملون الإسلاميون تحمل هذا الطابع ولكن الغريب أن أغلب هذه المؤسسات انطمست أو تحول الأغلب منها الى مؤسسات خيرية يقتصر عملها على تقديم المساعدات المالية والغذائية الى المحتاجين. وهذا العمل لا بأس به وقد حث عليه الشارع وبينت أحاديث كثيرة ثواب الصدقات وكفالة الأيتام وإعانة المحتاجين, إلا إن ترك العمل الإصلاحي الذي يمثل مصداقاً لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاكتفاء بهذا العمل فيه تأمل علما ان الأول أعني العمل الخيري غذاء الأبدان والعمل الثقافي غذاء الأرواح ويوجد أيتام من نوع آخر هم أكثر عدداً يكاد يمثلون أغلب الناس وكفالتهم لا تحتاج إلى المال بل إلى الجهد والهمة والإخلاص، وكافلهم يكون أقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الأول تُعرّفهم لنا جملة من الأحاديث الشريفة وتُبين منزلتهم عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) فعن الإمام أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) قال: (حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: أشد من يُتم اليتيم الذي انقطع عن أبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى)( ).

وقد يُعزى التوجه للعمل الخيري والإعراض عن العمل الثقافي والإصلاحي لبعض الأسباب منها :

1- التوجه المادي للمجتمع والذي لم تسلم منه حتى المؤسسات الدينية والتي يتصور أغلبها أن حاجة الناس تقتصر على المتطلبات المادية التي لابد من توفيرها. 

2- قبول المجتمع للعمل الخيري وتفاعله ورفضه العمل الثقافي فأغلب المجتمع يرى من يقدم مبلغاً من المال لمحتاج أفضل ممن يقدم منشوراً أو كتاباً لجاهل يرشده.

3- سهولة هذا العمل في هذا المجال باعتبار أنه لا يكلف جهدا فكريا وتحمّل للكلمات الجارحة والمواقف المحرجة التي غالبا ما يواجهها الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر, بل أكثر ما يحتاجه العمل الخيري الجهد البدني في جمع الأموال وتوزيعها.

4- حرية النفس وعدم التقيد بتوجيهات فوقية كالارتباط بمؤسسات المرجعية الذي تملي على العاملين الالتزام بالتوجيهات الصادرة لهم وهذا الأمر لا يسوغ للكثير, لذا نرى أغلب الناس يبتعد عن العمل في مؤسسات المرجعية ويختار له عملاً وفق ما يرى كفتح مؤسسة خيرية وربما يكون ذلك من مصاديق الذي يريد ان يعبد الله كما هو يريد. وفي هذا الصدد أود أن أنقل هذه الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الاشياء ورضى الرحمن الطاعة للإمام بعد معرفته، إن الله عزّ وجل يقول: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (النساء: 80)، أما لو أن رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله عزّ وجل حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان، ثم قال: اولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضل رحمته)( ).

لذا على المؤمنين أن يلتفتوا الى هذا الأمر الخطير ويعلموا أن أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفس وعلينا ان نمتثل لجميع التكاليف الإلهية بنفس الهمة فإن إشباع البطون مع فراغ العقول لا ينتج لنا الا الكثير من المعاصي والابتعاد عن الله تعالى. ولندرك بأن اخطر الأمراض هو جهل الإنسان بربه وبنفسه فعلينا جميعا أن نمارس العمل الإصلاحي الذي يمثل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي تمثل أسمى الفرائض. ولا بأس بتكفل مجموعة من المؤمنين للعمل الخيري على ان لا يخلو من ارشاد وتوجيه من نساعدهم. نسأل الله تعالى أن يوفق المؤمنين لما فيه رضاه.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار