المقالات والبحوث

الإستقامة بين العدل والعدالة ✍️ ( الشيخ عماد مجوت )

الإستقامة بين العدل والعدالة  ✍️ ( الشيخ عماد مجوت )
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف

✍ الإستقامة بين العدل والعدالة

الشيخ عماد مجوت

 

تشابه المفاهيم واحدة من مداخل تشابه المعاني، والتي بدورها تنعكس على السلوك والمتبنيات .

 

ومن جملة المفاهيم المتشابهة مفردتي العدل والعدالة، فالأولى تعني إقامته في الخارج بما يوجب نفي الظلم وإشاعة إعطاء الحقوق، والإلزام بالواجبات، وهو مدار بعثة الأنبياء (عليهم السلام) وإنزال الكتب، واستخدام القوة، كما في قوله تعالى:﴿لَقَد أَرسَلنا رُسُلَنا بِالبَيِّناتِ وَأَنزَلنا مَعَهُمُ الكِتابَ وَالميزانَ لِيَقومَ النّاسُ بِالقِسطِ وَأَنزَلنَا الحَديدَ فيهِ بَأسٌ شَديدٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ وَلِيَعلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالغَيبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزيزٌ﴾[الحديد: ٢٥].

 

#أما الثانية ( العدالة ) فهي تعني بالإصطلاح الفقهي ( الإستقامة على جادة الشريعة، بحيث لا يترك واجباً، ولا يرتكب محرما ) ، كما في قوله تعالى:﴿فَاستَقِم كَما أُمِرتَ وَمَن تابَ مَعَكَ وَلا تَطغَوا إِنَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾ [هود: ١١٢]. فالأمر بالإستقامة مرتبط بما أُمِر به وهو معنى العدالة .

#وربما زاد بعضهم كونها ( ملكة نفسانية تمنع صاحبها من الوقوع في الحرام غالبا ) . ولعل الأول أشمل مع اشتراكهما بكونها من المسائل المرتبطة بسلوك الفرد .

 

#ومن هنا قد يكون المرء عادلا بمعنى مقيم للعدل ولكنه غير عادل بالمعنى الثاني، ويمكن أن يكون العكس، كما في قوله تعالى:﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كونوا قَوّامينَ بِالقِسطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَو عَلى أَنفُسِكُم أَوِ الوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ إِن يَكُن غَنِيًّا أَو فَقيرًا فَاللَّهُ أَولى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الهَوى أَن تَعدِلوا وَإِن تَلووا أَو تُعرِضوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعمَلونَ خَبيرًا﴾[النساء: ١٣٥]. فإن القوامية بالقسط تعني إقامة العدل، وعدم إتباع الهوى يعني الإستقامة على الشريعة.

 

#و من هنا كان العدل بالمعنى الأول من ضمن ما ينفي الهوى ويقرب للتقوى، كما في قوله تعالى:﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كونوا قَوّامينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالقِسطِ وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ عَلى أَلّا تَعدِلُوا اعدِلوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبيرٌ بِما تَعمَلونَ﴾[المائدة: ٨]. فإقامة العدل من مفردات الإستقامة.

 

#ومن هنا كان العدل وإقامته تذكرة وتوصية الأنبياء عليهم السلام والكتب السماوية: ﴿وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوفُوا الكَيلَ وَالميزانَ بِالقِسطِ لا نُكَلِّفُ نَفسًا إِلّا وُسعَها وَإِذا قُلتُم فَاعدِلوا وَلَو كانَ ذا قُربى وَبِعَهدِ اللَّهِ أَوفوا ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرونَ﴾[الأنعام: ١٥٢].

 

#ومن هنا كان العدل بالمعنى الثاني معياراً أخلاقياً للعدل بالمعنى الأول، فأي إقامة للعدل مع إشاعة الفحشاء:﴿وَإِذا فَعَلوا فاحِشَةً قالوا وَجَدنا عَلَيها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُل إِنَّ اللَّهَ لا يَأمُرُ بِالفَحشاءِ أَتَقولونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعلَمونَ * قُل أَمَرَ رَبّي بِالقِسطِ وَأَقيموا وُجوهَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَادعوهُ مُخلِصينَ لَهُ الدّينَ كَما بَدَأَكُم تَعودونَ﴾[الأعراف: ٢٨-٢٩]. 

 

#فالعدل الذي قامت به السموات والأرض هو العدل الذي يشاع فيه الخير والصلاح ويمنع به الظلم والفساد وهو مسؤولية كل من يشعر بالإنتماء إلى ( الموطئون للمهدي سلطانه )، فالإستقامة حيث إعطاء الحقوق، والخروج عن أسر الهوى : ﴿يا داوودُ إِنّا جَعَلناكَ خَليفَةً فِي الأَرضِ فَاحكُم بَينَ النّاسِ بِالحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الهَوى فَيُضِلَّكَ عَن سَبيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذينَ يَضِلّونَ عَن سَبيلِ اللَّهِ لَهُم عَذابٌ شَديدٌ بِما نَسوا يَومَ الحِسابِ﴾[ص: ٢٦].

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار