المقالات والبحوث

عاشوراء في وعي الجمهور ووعي النخبة الشيخ محمد مهدي الاصفي

عاشوراء في وعي الجمهور ووعي النخبة  الشيخ محمد مهدي الاصفي
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف

عاشوراء في وعي الجمهور ووعي النخبة 

 

وإنني لا اشك ان وعي الجمهور لعاشوراء وعمقه وآفاقه اكثر بكثير من وعي المفكرين الذين تناولوا هذا اليوم العجيب من التاريخ بالدراسة والبحث. إن الذي يدركه جمهور الناس بوعيه الفطري شيء أعمق بكثير مما يتلقاه الباحثون والمفكرون من هذا اليوم ولو أمعنا النظر في وعي الجمهور ولو امعنا النظر في وعي الجمهور ليوم عاشوراء, وجدنا ان أن الجمهور يسبق الباحثين والمفكرين في وعي هذا اليوم وآفاقه الواسعة وما ينطوي عليه من القيم والمفاهيم . وأنا من الذين يثقون بوعي الجمهور المؤمن وحسه المرهف الدقيق في التشخيص والتقييم. وأُعارض الذين ينتقصون من وعي الجمهور المؤمن وفهمه وتشخيصه. فالجمهور يملك حساً مرهفاً ووعياً وفطرياً وبصيرة نافذة -في حالات السلامة والصحوة- لا يملكه دائماً أُولئك الذين يتتبعون الاحداث من خلال التأملات الفكرية والدراسات العلمية.

 

وهذا الحس الفطري المرهف يجعل الجمهور سباقاً إلى وعي هذه الآفاق الربانية في حياة الانسان . وكثيراً ما يتفق أن الباحثين والمفكرين يتتبعون خُطى للجمهور ويقتفون اثره في الوعي والتفسير والتشخيص. ومع ذلك فإن الوعي الفطري للجمهور يبقى محتفظاً لنفسه بقدرة كبيرة جداً على التشخيص والتقييم, ونفاذ البصيرة تقصر عنه أفكار وتفسيرات الباحثين والمفكرين احياناً. وهذا هو ما يتراءى لي فعلاً في (عاشوراء). فكلما يمعن الانسان النظر في التعاطف الوجداني الكبير من قبل جماهير المسلمين مع حادث الطف في يوم عاشوراء, وقياس ذلك إلى التفسير و التقييم العلمي المطروح على الصعيد الفكري... يزداد ايماناً بإن الجمهور كان اقدر على استيعاب الآفاق الواسعة لهذا اليوم من الباحثين والمفكرين الذين تناولوا هذا الموضوع الخطر بالدراسة والبحث.

ويبدوا ان الحس الفطري لدى جمهور المؤمنين, اسرع الى وعي الحقائق من أُولئك الباحثين الذين يعتمدون (عصا) التفسير والتحليل العلمي بالوسائل العلمية المعروفة, وان هذا الجمهور في حالة سلامة الفطرة يرى بنور الله مالا يراه غيره. وهذا ما نراه فعلاً من حيوية (عاشوراء) في وجدان جمهور المؤمنين وعواطفهم, وتفاعل الجمهور الواسع والعميق مع عاشوراء خلال هذه الفترة الطويلة والتي تزيد على ثلاثة عشر قرناً من الزمان, وعلى هذه المساحة الواسعة من الأرض وهذا امر فوق العادة بالتأكيد... ولا ينبغي أن نمر عليه مروراً سريعاً من دون وقفة تأمل وتفكير. ولا نعرف نحن إلى الآن حدثاً يستقطب عواطف جماهير المسلمين بهذه الصورة من القوة والفاعلية كعاشوراء أمراً في في حياة المسلمين يستقطب الجماهير بهذه الصورة الواسعة والقوية إلا الحج... وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) انه فال:(إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد ابداً)

 

 

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار