المقالات والبحوث

حينما تكون الزوجة ملاكاً السيد فاضل الموسوي الجابري

حينما تكون الزوجة ملاكاً     السيد فاضل الموسوي الجابري
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف

✍️ حينما تكون الزوجة ملاكاً 

 

السيد فاضل الموسوي الجابري

 

بسمه تعالى

عندي صديق توفت زوجته منذ ثلاث سنوات. التقيت به في كربلاء في الايام التي اقمت فيها لأداء زيارة الاربعين .قلت له : ألم تتزوج؟ قال لي كلا. 

قلت: لماذا , الا تحتاج إلى زوجة؟ وهل يمكن للرجل أن يعيش بلا زوجة ؟ 

قال لي : اذا وجدت مثل زوجتي المرحومة فسوف اتزوجها .

 قلت له : وماذا كان في زوجتك وهو ليس في النساء ؟

 قال لي : يا صديقي العزيز أنا اخبرك , زوجتي دكتورة معروفة وانا لم احصل على شهادة . وزوجتي من عائلة ثرية . وانا من عائلة عادية . زوجتي وانا من اهل بغداد فقلت لها يوما: اريد ان انتقل إلى كربلاء لكي اكون في جوار سيد الشهداء , فهل توافقين إن تكوني معي وتتركي الاهل والاقرباء ؟

 قالت لي : لبيك وسعديك , انت على خطى الحسين وانا على خطى زينب .

 انتقلنا إلى كربلاء واستبدلنا البيت الكبير الفاره ببيت صغير وقديم متهالك. قلت لها : عندنا اصدقاء زوار يأتون ليالي الجمع لزيارة الإمام , فهل تستطيعين خدمتهم بالطعام والشراب؟  

قالت : اتشرف ان اكون خادمة لزوار الحسين عليه السلام. وأخذ الناس في كل ليلة جمعة يتوافدون على بيتنا نساء ورجالا حتى ضاق بهم المكان. واما في أيام محرم وصفر فكانت زوجتي المرحومة تفرغ غرفة نومها الى الزوار لتنام هي في المطبخ , وانا بدوري انام في الممر . 

كنت اجلب ذبيحة كاملة للزوار فتطبخها بكل رحابة صدر, ولم تتضايق يوما او تنزعج او تتأفف . كانت تجهد نفسها إلى أبعد الحدود في خدمتي وخدمة الاولاد وخدمة الزوار .

واستمر الوضع على هذا الحال إلى أن تمرضت بالورم الخبيث , ورغم ألمها ومعاناتها من المرض وأثار الاشعاعات لم تكسل يوما عن أداء واجباتها ومستحباتها . كانت لا تفوتها صلاة الليل , ولا يمنعها شيء من أداء الصلاة في اوقاتها. كانت نظيفة جدا ومرتبة جدا ومخلصة جدا. ولم ترفض يوما طلبا من طلباتي. ولم تغضبني يوما , ولم تخرج من بيتي يوما بغير أذني . ولم تدخل إلى بيتي احدا من الرجال والنساء بدون أذني . إلى أن وافتها المنية وماتت وهي على هذا الحال . 

كان يتكلم معي ودموعه تنهمر على لحيته , ويقول لي : سيدنا هل أجد مثل هذه المرأة؟ وأخذ ينحب كأنها ماتت لوقتها. ويردد: والله لم ولن انساها ما بقيت في حياتي لحظة واحدة , بل اصبحت اتمنى الموت لالتحق بها . 

اخذت ابكي معه من دون شعور لأني اعرفها رحمها الله , فقد سافر صديقي مع زوجته معي يوما إلى مشهد لغرض علاجها وهناك رايتهم وهم يجلسون على أريكة واحدة ومنضدة طعام واحدة , يتناجون فيما بينهم كأنهم ليسوا من عالمنا , كانا يعيشان الحب بكل معانيه الصادقة. وعلى الرغم من أن عمريهما كان يناهز الخمسين عاما الا أني اراهما كعصفورين في عش واحد. 

اقول من كانت له زوجة كهذه الزوجة سوف لن يرى في الوجود امرأة غيرها , سوف تملكه بكل وجودها , وتكون هي روحه التي بين جنبيه. 

حينما وجد عندها الإخلاص والطاعة والحب والاحترام , قابلها بالوفاء والحب والاحترام والتقدير , ليس فقط في حياتها , بل بعد مماتها أيضا . فاعتبروا يا اولي الألباب.  

 

 

النجف الاشرف 27 صفر 1443هـ

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار