المقالات والبحوث

#المراهقة: مفهومها، خصائصها، متطلباتها. ✍سماحة العلامة الشيخ #حسين_الخشن(حفظه الله)

#المراهقة:  مفهومها، خصائصها، متطلباتها.     ✍سماحة العلامة الشيخ #حسين_الخشن(حفظه الله)
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف

#المراهقة:

مفهومها، خصائصها، متطلباتها. 

 

✍سماحة العلامة الشيخ #حسين_الخشن(حفظه الله)

 

???? كيف نتعامل مع أبنائنا وبناتنا في مرحلة المراهقة؟ سؤال يقلق الآباء والأمهات الذين بلغ أحد أبنائهم هذه المرحلة وأخذ يفاجئهم بتصرفاته غير المعهودة، وقد لا يحسن الكثيرون منهم التعامل معه أو تفهّم تصرفاته، فيصطدمون به ويرتكبون الأخطاء التربوية، وإذا كان لعلماء النفس والتربية تفسيرهم ورؤيتهم لكيفية التعامل مع المراهق، فإن للدين أيضاً رؤيته ووصاياه وإرشاداته في هذا الصدد، وهذا ما نحاول تسليط الضوء عليه فيما يأتي.

???? المفهوم والمميزات:

يرى علماء النفس أنه بعد مرور الطفل بمرحلة الكمون(من السادسة إلى الحادية عشرة) التي تتسم بالاتزان الانفعالي، تبدأ مرحلة جديدة اصطلح على تسميتها بالمراهقة، والمعنى اللغوي للكلمة مأخوذ من فِعْل راهق بمعنى قارب، يقال راهق الغلام إذا شارف على الاحتلام، ومفهوم المراهقة مختلف عن مفهوم البلوغ، فالبلوغ عبارة عن نضوج الغدد التناسلية، بينما المرهقة هي عبارة عن مجمل التغيرات الجسدية والانفعالية والعقلية التي تطرأ على الشخصية الإنسانية (راجع بهذا الصدد: المعلم والتربية للدكتور محمد رضا فضل الله، ص:478).

وقد ورد هذا المصطلح في النصوص الدينية بمعناه اللغوي المشار إليه، ففي الحديث عن علي بن الحسين(ع):".. وأما صوم التأديب فأن يؤخذ الصبي ـ إذا راهق ـ بالصوم تأديباً وليس بفرض"(تهذيب الأحكام:4/296).

وتمتاز المراهقة بأنها مرحلة حساسة ينتقل معها الإنسان من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة والخصوبة أو النضج الجنسي، وهي تترافق عادة مع شعور بالحاجة إلى الاستقلال وإثبات الذات، ويحاول المراهق أن يكون حراً، مسؤولاً ومنفصلاً عن الصغار، كما ويشعر بالحاجة إلى العقيدة الفكرية فيأخذ بالنقاش والاعتراض، فتراه ناقداً معترضاً.

???? التعرف على المراهقة ومتطلباتها:

وفي الإجابة على سؤال: كيف نتعامل مع المراهق؟ لا بدّ لنا أولاً أن نفهم هذه المرحلة وخصائصها وما يرافقها من تغيرات جسدية ونفسية وعقلية لدى المراهق، وما تفرضه من متطلبات تربوية تتناسب معها، ولعل المشكلة الأساس في التعامل مع المراهق تكمن في جهل الآباء والأمهات لحساسية المراهقة وأهميتها، وكذلك عدم تفهمهم لمقتضياتها التربوية وغير التربوية، ومن هنا فإننا ندعو إلى ضرورة امتلاكهم ـ أعني الآبـاء والأمهـات ـ ثقافة التعامل مع المراهق، اعتماداً على ذوي الخبرة والاختصاص.

???? التوجيه، الصداقة، المواكبة:

وعلى العموم يمكننا القول: أنه وإزاء النمو العقلي والجسدي للمراهق وبداية تفتح غرائزه، وما يرافق ذلك من صراع بين الغريزة والعقل، وإزاء الخشية الكبيرة من انسياقه مع غرائزه بحسب حالته الانفعالية وضعف تجربته ورشده، وأمام شعوره بالاستقلال وميله إلى التمرد، أمام ذلك كله يكون الدور الأساس للتربية التي تعمل على تنمية الإحساس بالمسؤولية لديه وتوجيهه وترشيده وتبصيره بعواقب الأعمال المتسرعة أو الخطوات الارتجالية غير المدروسة، وربما كان الأسلوب التربوي الأنجع في هذا المجال هو التعامل معه ـ من قبل الأهل والمربين ـ على أساس الصداقة والابتعاد عن منطق الآمر والمأمور والسيّد والعبد، فالمراهق ـ على الأقل من وجهة نظره ـ لم يعد طفلاً صغيراً يتلقى الأوامر، ولذا فإن علينا تقديره واحترام شخصيته والإصغاء إليه والاستماع إلى وجهة نظره ولو لم نوافقه عليها، وعلينا أيضاً التعرف على همومه ومشاركته في إيجاد الحلول لها بإبداء النصيحة والمشورة، وقد أرشد الحديث النبوي الشريف إلى ضرورة التعامل مع الأبناء بعد سن الرابعة عشرة على أساس المصادقة والمصاحبة قال (ص) فيما روي عنه:" الولد سيد سبع سنين، وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين"، وفي رواية أخرى تلتقي مع الرواية السابقة في المضمون: "دع ابنك يلعب سبع سنين، ويُؤدَّب سبع سنين، وألزمْه نفسك سبع سنين"(وسائل الشيعة:21/475).

مضافاً إلى مهمة الإرشاد وأسلوب المصادقة فإنّ المطلوب أيضاً مواكبة المراهق مواكبةٍ تامة في أفكاره وعلاقاته وصدقاته سواءً في المدرسة أو في الشارع، فإن للأصدقاء والأصحاب دوراً كبيراً في تكوّن قناعات المراهق ونزعاته وميوله وما يكتسبه من عادات سيئة أو حسنة، وإنّ الغفلة عن مواكبته ومتابعته قد تؤدي إلى نتائج سلبية على المستوى السلوكي أو الفكري، وقد كان الأئمة من أهل البيت(ع) يحذّرون أصحابهم من خطورة فرقة المرجئة وأفكارها على أبنائهم، لأن من رأي المرجئة أن مركز الإيمان هو القلب ولا قيمة للعمل، وهذا المفهوم يجد له صدى كبيراً عند عنصر الشباب والمراهقين، لأنه ينسجم مع رغباتهم وشهواتهم، ويقدّم لهم تبريراً شرعياً لكل انحرافاتهم، ففي الحديث عن الإمام الصادق(ع): "علّموا صبيانكم ما ينفعهم الله به، لا تغلب عليهم المرجئة برأيها"(الخصال:614). وأعتقد أن في عصرنا من الأفكار الهدامة ما يفوق بكثير خطر المرجئة وأفكارها.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار