((حينما ينعدم التفكير ))

اية الله السيد فاضل الجابري 

بسمه تعالى 

من الاسس المعرفية ان انسانية الانسان بفكره وعقله لا بجسده وشهواته ، فما لم يعش الحياة الفكرية والعقلية فسوف لن يحقق انسانيته ولا يبقى لوجوده حينذاك اية قيمة ، لصيرورته حينذاك كالحيوان بل اضل سبيلا . 

وليس المقصود من الحياة الفكرية - كقيمة وجودية - هو النتاج الفكري كيفما كان ، وانما المقصود بها ما من شأنه ايصال الانسان الى غائية وجوده في هذا العالم . ومن المؤكد ان تلك الغائية انما تتحقق من خلال إعمال العقل في مستويين ، الاول : يرتبط بالجانب النظري ، والثاني : يرتبط بالجانب العملي ، حيث يكون متعلق الاول نظرية المعرفة والالهيات بالمعنى الاعم والمعنى الاخص ، ويكون متعلق الثاني كيفية التصرف و ادارة الحياة ، او ما يطلق عليه ادراك ما ينبغي ان يعمل ، و يدخل فيه الالتزام بظاهر الشريعة المقدسة ، والاخلاق العملية ، والاداب العامة والخاصة.

 ومن خلال هذين المستويين سوف يتحرك الانسان نحو الغاية التي وجد من اجلها في هذا العالم ، وكلما اقترب من تلك الغاية أكثر كلما اصبح وجوده اكبر و أقوى واشد ، الى ان يصل الى مرتبة قاب قوسين أو أدنى ، وهو ما يسمى بمرتبة الانسان الكامل ، وهو المقام الذي وصل اليه النبي الخاتم ص. 

واما اذا انعدم التفكير وعاش الانسان الحياة الحيوانية فحسب وانغمس في الشهوات ، فسوف يخرج من حد الانسانية الى حد البهيمية ، فتظهر صورته الواقعية حينما تبلى السرائر وتنكشف الحقائق ، حينذاك يقول الانسان : يا ليتني قدمت لحياتي ، ويقول : ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا . ولكن وقتذاك ولات حين مندم.

السيد فاضل الموسوي الجابري النجف الاشرف ١٣ جمادي الأولى ١٤٤٣ هجري