المقالات والبحوث

✨عصمة الإمام في الكتاب✨ ✍️ الشيخ جعفر السبحاني (دام ظله)

✨عصمة الإمام في الكتاب✨  ✍️  الشيخ جعفر السبحاني (دام ظله)
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

✨عصمة الإمام في الكتاب✨

 

✍️ الشيخ جعفر السبحاني (دام ظله)

 

 

⭕️وممّا يدلّ على عصمة الإمام على وجه الإطلاق قوله سبحانه: (أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). النساء: 59.

 

والاستدلال مبنيّ على دعامتين:

1/ إنّ اللّه سبحانه أمر بطاعة أُولي الأمر على وجه الإطلاق، أي في جميع الأزمنة والأمكنة وفي جميع الحالات والخصوصيات، ولم يقيّد وجوب امتثال أوامرهم ونواهيهم بشي‌ء كما هو مقتضى الآية...

 

2/ إنّ من البديهي أنّه سبحانه لا يرضى لعباده الكفر والعصيان (وَ لٰا يَرْضىٰ لِعِبٰادِهِ الْكُفْرَ).

من غير فرق بين أن يقوم به العباد ابتداءً من دون تدخّل أمر آمر أو نهي ناه، أو يقومون به بعد صدور أمر ونهي من أُولي الأمر.

فمقتضى الجمع بين هذين الأمرين: وجوب إطاعة أُولي الأمر على وجه الاطلاق وحرمة طاعتهم إذا أمروا بالعصيان، وأن يتّصف أُولو الأمر الذين وجبت إطاعتهم على وجه الإطلاق، بخصوصية ذاتية وعناية إلهية ربّانية، تصدّهم عن الأمر بالمعصية والنهي عن الطاعة. وليس هذا إلّا عبارة أُخرى عن كونهم معصومين، وإلّا فلو كانوا غير واقعين تحت العناية، لما صحّ الأمر بإطاعتهم على وجه الاطلاق ولما صحّ الأمر بالطاعة بلا قيد وشرط. فيستكشف من إطلاق الأمر بالطاعة اشتمال المتعلّق على خصوصية تصدّه عن الأمر بغير الطاعة. هذه الآية تدلّ على عصمة من أمر اللّه بطاعتهم ولا تحدد مصداق المعصوم الواجب طاعته، ولكن اتّفقت الأُمّة على عدم عصمة غير النبي والأئمّة الاثني عشر، فلا محيص عن انطباقه عليهم لئلّا تخلو الآية عن المصداق.

 

⭕️وممّن صرّح بدلالة الآية على العصمة الإمام الرازي في تفسيره ويطيب لي أن أذكر نصّه حتى يمعن فيه من يعشق الحقيقة قال:

«إنّ اللّه تعالى أمر بطاعة أُولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، ومن أمر اللّه بطاعته على سبيل الجزم والقطع، لابدّ وأن يكون معصوماً عن الخطأ، إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر اللّه بمتابعته، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه خطأ منهيٌ عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحدبالاعتبار الواحد، وأنّه محال فثبت أنّ اللّه تعالى أمر بطاعة أُولي الأمر على سبيل الجزم وثبت أنّ كلّ من أمر اللّه بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ، فثبت قطعاً أنّ أُولي الأمر المذكور في هذه الآية لابدّ وأن يكون معصوماً». .

 

⭕️وهذه الأدلّة والبراهين على لزوم اتّباع أئمّة أهل البيت- (عليهم السلام)- لا تبقي شكّاً لمشكّك ولا جدلًا لمجادل، ويفرض على المسلمين الرجوع إليهم فيما لا نصّ فيه في كتاب أو سنّة، ولكن- مع الأسف الشديد- نجد انّ جماهير أهل السنّة ولجوا كلّ باب إلّا باب أئمّة أهل البيت- (عليهم السلام)- في الأُصول والفروع حتّى بلغ الأمر إلى حد أثار تعجب الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر الأسبق من عدول أهل السنة عنهم، والتوجه إلى غيرهم ويقول: «فما ندري لماذا عدل أهل القبلة عن أئمّة أهل البيت‌ فلم يتعبدوا بمذاهبهم في شي‌ء من الأُصول والفروع، ولاوقفوا في المسائل الخلافية عند قولهم، ولا كان علماء الأُمّة يبحثون عن رأيهم، بل كانوا يعارضونهم في المسائل النظرية ولا يبالون بمخالفتهم، وما برح عوام الأُمّة خلفاً عن سلف يرجعون في الدين إلى غير أهل البيت بلا نكير».

------------------------------------

????الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف / ج2 / ص 374.

 

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار