المقالات والبحوث

((معجزة اختلاط الجنسين في الحج)) ✍️ السيد فاضل الموسوي الجابري

((معجزة اختلاط الجنسين في الحج))  ✍️  السيد فاضل الموسوي الجابري
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

((معجزة اختلاط الجنسين في الحج))

 

✍️ السيد فاضل الموسوي الجابري

 

 

بسمه تعالى 

خلافا للنظريات الاجتماعية المادية ومدارس التحليل النفسي ودراسة سلوك الإنسان ينبهر العالم برمته حينما يرى موسم الحج الذي يعيش فيه المسلمون مدة زمنية بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع يختلط فيه الجنسان _الرجال والنساء _ بشكل عجيب حيث الاحتكاك المباشر والتلاسق الجسدي من جميع الجهات . فالحاج يجد نفسه أثناء الطواف مثلا محاطا بالنساء والرجال وهكذا بقية المناسك.

  وطبقا للنظريات التي ذكرناها من المفترض ان تكون هناك ميولا شهوية من قبل كلا الجنسين تجاه الآخر وهذا شيء غريزي كما هو ظاهر في الوضع الطبيعي ولكن تأتي معجزة الحج لتغير كل هذه المعادلات وتفجر قنبلة اعجازية تنسف فكر وآراء من يريد ان يجعل الإنسان حيوانا بسلوكه الغريزي لتعلن حقيقة جديدة مجهولة من قبل الكثير من الناس وهي : إن الإنسان له قدرة كبيرة جدا على السيطرة على غرائزه بشكل تلقائي من دون أي تكلف أو صراع مع الشهوة والتي تحتاج إلى تهذيب النفس بشكل كبير.  

هنا في الحج تجد سلوكا ملائكيا منقطع النظير. هنا تتجلى الإنسانية بمعناها الفلسفي ومعناها الأخلاقي بأبهى صورة. هنا يعيش الإنسان بشكل تلقائي حالة الانقطاع إلى الله والانشغال به لا بغيره. هنا ترسم لوحة العشق الحقيقي والحب الواقعي . فمعشوق الجميع واحد و محبوب الكل واحد. فماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك. ومن يبصر جمال جلالك وبهائك ولذة دعائك ومناجاتك هل يمكن ان يروم عنك بدلا أو تنصرف عينه عن النظر إلى جمال وجهك الكريم. وهل يضاهيك في الجلال والجمال مخلوق حتى ينصرف القلب إليه. 

هنا طاقة الشهوة وعنفوانها تحولت إلى شحنات إيمانية تجعل الإنسان يعيش جنون الحب الحقيقي لا جنون الشهوة ولذا تراه لا يشعر بألم الجسد بسبب أداء المناسك الصعبة جدا جدا ولا يحس بالتعب او يشعر به ولكن لا يبالي لانه في سبيل لقاء الحبيب الحقيقي . ويشترك في ذلك الشاب اليافع والشيخ الكبير.  

إذن تعالوا أيها الناس نقرأ مناسك الحج قراءة جديدة . 

تعالوا نتدبر في أبعاده الروحية العظيمة ودروسه الأخلاقية المتميزة .

 تعالوا نتعرف على الإنسان الذي جعله الله خليفة له في أرضه والذي علمه الأسماء كلها وأصبح بها معلما للملائكة. تعالوا نرى معاجز الحج الكبيرة والعديدة. 

 اين علماء الاجتماع والنفس والتربية. أين الفلاسفة وأهل الفكر ليتعرفوا على هذا النموذج الفريد من الإنسان .

 والذي يمكن ان يتكرر في غير موسم الحج اذا تحققت نفس الشروط وعلى رأسها الانقطاع الى الله تعالى.    

من أرض الأمنيات منى

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار