المقالات والبحوث

[في مقعد صدق عند مليك مقتدر] ✍️ السيد فاضل الموسوي الجابري

[في مقعد صدق عند مليك مقتدر]  ✍️ السيد فاضل الموسوي الجابري
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

[في مقعد صدق عند مليك مقتدر]

 

✍️ السيد فاضل الموسوي الجابري

 

 

بسمه تعالى

 

أيها الإنسان العجيب في

 خلقتك الغريب في اطوارك وأخلاقك،

 فأنت خليفة ربك في أرضه (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْـمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) .

 وأنت المخلوق في أحسن تقويم ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) . 

وانت المكرم والمفضل من بين المخلوقات جميعا ، (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) .

 وجعل نفسك مطمئنة ترجع اليه راضية مرضية، ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْـمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً )،

 ثم في نهاية المطاف اذا كنت من المتقين تجلس في جنات ونهر ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) .

أيها الإنسان انت في مفترق طرق أحدهما يوصلك الى أعلى عليين ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ 

 كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْـمُقَرَّبُونَ) ، والآخر ينزل بك الى اسفل سافلين (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) . 

وقد الهمك ربك إختيار كل واحد من الطريقين (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) أحدهما سبيل الشكر والرشد ، والآخر سبيل الغي والكفر . فإذا اخترت الأول فأنت في روح وريحان وجنة نعيم . واذا اخترت الثاني فأنت في نزل من حميم وتصلية جحيم . 

تأمل جيدا هداك الله الى الفرق الكبير بين النتيجتين أن يكون الإنسان ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) ، اذا اختار سبيل الحق والصدق والرشد والشكر .

وان يكون في الجحيم والسجين حينما يختار السبيل الآخر الذي هو سبيل الغي والكفر والضلال الذي يؤدي إلى الفجور ( وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) . (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) .

ما أعظم هاتين النتيجتين وما اخطرهما. 

واعلم أيها الإنسان ان من كرامة الله عليك أن جعلك مختاراً لا مجبراً ، فأنت الذي تقرر مصيرك بنفسك، ولكن من المؤسف حقاً أن تختار طريق الخسارة والندامة، ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِـمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ) .

 من المؤسف حقاً أن تفوتك السعادة الحقيقية وتدخل نفسك إلى العذاب الأبدي، هناك ( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَـمِنَ السَّاخِرِينَ ) ، وهناك الندامة الحقيقية (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَـمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَـمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَـمُونَ ) .

 هناك حينما تفوت هذه الفرصة التي منحنا اياها ربنا وخالقنا الرحمن الرحيم. ( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِـمِينَ لَـمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ) . كلا لا سبيل فقد فاتت الفرصة وانتهى العمل وجاء وقت الحساب والجزاء .

أيها المسكين تدارك أيامك قبل انقضائها وارجع الى ربك بالتوبة والندم ، وارجع الى نفسك وزكها وطهرها من ادناس الشرك والكفر والفسق والفجور والطغيان ، ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) ، ولا تتبع الهوى ، ولا يصدنك عن اتباع الحق الوغول في الباطل ( فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْـمَأْوَى) .

 أيها المسكين المخدوع بزخارف الدنيا وبهرجتها لا تغرنك الحياة الدنيا فإنها زائلة برمشة عين ، وفانية اليوم او غد ، ولا بقاء إلا لله ، ولا قوة إلا لله ، فاسرع وادخل في سبيل المؤمنين، واطلب من الله أن يدخلك مدخل صدق ويخرجك مخرج صدق حتى تكون عند الله في مقعد صدق مع الصادقين . (قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .

 

السيد فاضل الموسوي الجابري 

النجف الاشرف ٢٠ ذو الحجة ١٤٤٣هج

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار