المقالات والبحوث

ميزان الغدير ✍️ محاسن النداف

ميزان الغدير   ✍️ محاسن النداف
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

ميزان الغدير 

 

✍️ محاسن النداف

 

 

حالما تتعانق نظراتي مع اطياف شمس الصباح، اطبق جفني على  دفئها الحنون المشوب بعطر قبته الزاكي، 

فشمسنا شمسٌ موالية مطواعة لامر الولي بأمر العلي.

كثيرون هم من يدعون حب علي ومشايعته، لكن الامير أبى إلا ان يسمي شيعته بأسماء ذوات صدقوا ما عاهدوا الله عليه يوم غدير خم!

المقداد وعمار وسلمان وابو ذر....

رجال امتازوا بانهم بذلوا قصارى جهدهم  في طاعة إمامهم التزاما بعهدهم مع الله ومع رسوله  يوم الغدير .  

فان عجزنا عن  بلوغ مراتب العصمة الامامية، وهو العذر الدارج على السنتنا، فما هو عذرنا امام    اناس مثلنا ابتلاهم الله بطاعة اهل ولايته فأخلصوا الولاء  وصدقوا النيات وثبتوا على الحق!  

دعونا نتخذ جانبا بعيدا  عن أضواء الاحتفال وحلوى الفرح واهازيج التبريك لننشر راية المكاشفة لكل من القى السمع وهو شهيد!

فروايات المشايعة تُذيب القلوب فرقا لتجثوا عند إعترافات الضمير، إن وعى! وإلا فهو خوف بارق ما إن يلتمع في سماء النفس حتى تطفئه مخدرات الضمير: "علي حبه جُنة" !!

والواقع ان حب علي (عليه السلام) لا يعرف القناعة، لان القناعة في حبه خذلان  فالحب المجرد هو ادنى مراتب الولاء، اذ يجرد مدعيه عن همة المشايعة الحقة في التزام الامر او الانتهاء عند الزجر  فتكون القلوب مع الامام والسيوف عليه، كما قال الفرزدق للامام الحسين (عليه السلام) .

لذلك حرص الائمة عليهم السلام على تصحيح مفهوم التشيع في اذهان الناس، ليصححوا بدورهم احوالهم  ان ارادوا ان يتقمصوا قميص التشيع ولا يكتفوا بثوب المحبة والموالاة .  

 

قال رجل للحسن بن علي عليهما السلام: إني من شيعتكم فقال الحسن بن علي عليه السلام: يا عبد الله إن كنت لنا في أوامرنا وزواجرنا مطيعا فقد صدقت، وإن كنت بخلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها لا تقل لنا: أنا من شيعتكم، ولكن قل: أنا من مواليكم ومحبيكم ومعادي أعدائكم، وأنت في خير وإلى خير.(١)

وقال رجل للحسين بن علي عليهما السلام: يا ابن رسول الله أنا من شيعتكم، قال:

اتق الله ولا تدعين شيئا يقول الله لك كذبت وفجرت في دعواك، إن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش وغل ودغل، ولكن قل أنا من مواليكم ومحبيكم.(٢)

وقال الامام الرضا عليه السلام في قوم وصفوا انفسهم بانهم شيعة علي: ويحكم إنما شيعته الحسن والحسين وأبو ذر وسلمان والمقداد وعمار و محمد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئا من أوامره، ولم يركبوا شيئا من فنون زواجره، فأما أنتم إذا قلتم إنكم شيعته، وأنتم في أكثر أعمالكم له مخالفون مقصرون في كثير من الفرائض، متهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في الله، وتتقون حيث لا يجب التقية، وتتركون التقية حيث لابد من التقية، فلو قلتم إنكم موالوه ومحبوه، والموالون لأوليائه، والمعادون لأعدائه، لم أنكره من قولكم ولكن هذه مرتبة شريفة ادعيتموها إن لم تصدقوا قولكم بفعلكم هلكتم إلا أن تتدارككم رحمه من ربكم." (٣)

هذه  النماذج من الروايات  تبين لنا حقيقة ما ندعيه.

فيوم الغدير هو عيد الله الاكبر لانه مفتاح طاعة الحق سبحانه والوسيلة الى رضوانه وميزان الاتباع الحق للمنهج الحق، ودعاء الندبة خير شاهد اذ يذكر قول رسول الله في وصف مقام شيعة امير المؤمنين :(وشيعتك على منابر من نور حولي في الجنة وهم جيراني ولولا انت يا علي لم يعرف المؤمنون بعدي....)

من هم المؤمنين الذين عُرفوا بولاية امير المؤمنين (عليه السلام)

قال تعالى (إنما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون ) (٤) وجاء في تفسير هذه الاية :

(وقد ذكر الله تعالى للمؤمنين خمس صفات اختارها من بين جميع صفاتهم التي ذكرها في كلامه لكونها مستلزمة لكرائم صفاتهم على كثرتها و ملازمة لحق الإيمان، و هي بحيث إذا تنبهوا لها و تأملوها كان ذلك مما يسهل لهم توطين النفس على التقوى و إصلاح ذات بينهم، و إطاعة الله و رسوله.

و هاتيك الصفات الخمس هي: وجل القلب عند ذكر الله، و زيادة الإيمان عند استماع آيات الله، و التوكل، و إقامة الصلاة، و الإنفاق مما رزقهم الله، و معلوم أن الصفات الثلاث الأول من أعمال القلوب، و الأخيرتان من أعمال الجوارح) (٥)

فالعلامة الطباطبائي اشار في تفسيره الى ضرورة توطين النفس بالمجاهدة والتربية على تقوى الله وطاعته ليصل الى مقام الايمان الصادق ، وذلك المقام شفيعه للتشيع الحقيقي. 

 

 

 

 

(١)(بحار الانوار ج٦٥ ص١٥٦)

(٢) المصدر السابق

(٣) المصدر السابق

(٤) سورة الانفال اية  '٢'

(٥)تفسير الميزان ج٩

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار