المقالات والبحوث

رجال من مدرسة أهل البيت عليهم السلام محمد بن منصور بن أحمد بن أدريس العجلي الحلي والمعروف بابن إدريس (543 ــ 598 هـ)

رجال من مدرسة أهل البيت عليهم السلام  محمد بن منصور بن أحمد بن أدريس العجلي الحلي والمعروف بابن إدريس (543 ــ 598 هـ)
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

رجال من مدرسة أهل البيت عليهم السلام

محمد بن منصور بن أحمد بن أدريس العجلي الحلي والمعروف بابن إدريس (543 ــ 598 هـ)

 

، من كبار فقهاء الإمامية وذكره المترجمون بلقب الحلّي والمعروف عند الفقهاء بـصاحب السرائر. هو الذي كسر سنّة التقليد لآراء الشيخ الطوسي، وأوجد حركة في فقه الإمامية.

 

ولادته ونسبه

كانت ولادته ابن إدريس، سنة 543 هـ،[١] وأما فيما يتعلق بعائلته فقد ذهب الحر العاملي[٢] إلى الظن أنّ نسب ابن إدريس يصل من ناحية أمّه إلى الشيخ الطوسي، وهو ما يُشك في صحته.

 

منزلته الفقهية

 

اعتبر الصفدي أنّه لا نظير له في الفقه، ودعاه ابن داود الحلي بشيخ الفقهاء.[٤]ويدل على جلالة قدره شجاعته العلمية في كسر سنّة التقليد لآراء الشيخ الطوسي، وإيجاد حركة في فقه الإمامية، وإخراجه من الركود و الجمود وتشجيع الإبتكار والفكر الحر، وقد كان جميع الذين جلسوا على مسند فقه الشيعة بعد مائة سنة من وفاة الشيخ الطوسي يجنون من آرء الشيخ وكانوا في الحقيقة يعكسون آراءه، حتى يمكن القول إنّ باب الاجتهاد أصبح إلى حدّما مغلقاً.في مثل هذا الوضع تجاوز ابن إدريس دائرة التقليد وبادر إلى إحياء الاجتهاد وإبداء الرأي الحر. وكان ينتقد أحياناً آراء الشيخ بشدة، ويتّهمه بالتباع الإمام الشافعي مباشرة وغير مباشرة وكان حاد اللهجه أحياناً، ولكنه مع ذلك لم يتوان عن احترام الشيخ، وذكره بعبارات مثل الشيخ السعيد الصدوق تغمّده الله برحمته.

 

منزلته الروائية

 

يعتبره الفقيه المعاصر له سديد الدين الحمصي مخلطاً لا يعتمد على تصنيفه، ويرى ابن داود الحلّي أنّ عدم قبول ابن إدريس للخبر الواحد، بمعنى إعراضه عن أخبار أهل البيت (عليهم السلام)، ولذلك يعدّه من الضعفاء ولكنّه أثنى عليه في نفس الموضوع،ويذكر البحراني أنّ كلّاً من المحقّق والعلامة الحلي نقداه عدة مرات ، غير أنّ رأي علماء الرجال بابن إدريس تغيّر تدريجياً في الفترات التالية، بحيث وثّقه المجلسي

 

مشايخه

 

ذكر نفسه أنّه أخذ عن السيد أبي المكارم ابن زهرة مشافهة أو مكاتبة المجلسي، ويمكن أن نذكر مشايخه:

 

عماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري

عربي بن مسافر العبادي

الحسين بن هبة الله بن رطبة السوراوي

عبد الله بن جعفر الدوريستي 

 

رواته وتلامذته

 

لقد تتلمذ على يديه وروى عنه الكثير، ومنهم:

 

محيي الدين محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة.

فخار بن معد الموسوي 

محمد بن نما الحلي 

علي بن يحيى الخياط 

أحمد بن مسعود الأسدي 

علي بن إبراهيم العلوي العريضي 

 

 

آثاره

 

لا نعرف لابن إدريس سوى عدد من الآثار رغم أنّ الذهبي ذكر أنّ له آثاراً في الفروع والأصول، وقال ابن داود  أنّه كثير التأليف، وما بقي من آثاره عبارة عن:

موسوعة ابن إدريس الحلي

قامت مكتبة الروضة الحيدرية بطباعة كتب ابن إدريس الحلي باسم (موسوعة ابن إدريس الحلي) وقد تكونت من أربعة عشر مجلد بتحقيق السيد محمد مهدي الخرسان، وتكونت من:

مقدمة المنتخب من تفسير التبيان

إكمال النقصان من التبيان

منتخب التبيان 1

منتخب التبيان 1 - منتخب التبيان 2

منتخب التبيان 3

حاشية ابن إدريس على الصحيفة السجادية

أجوبة المسائل والرسائل

السرائر 1

السرائر 2

السرائر 3

السرائر 4

السرائر 5

السرائر 6

مستطرفات السرائر.

المخطوطة

رسالة في التكليف 

رسالة في المضايقة والمواسعة في الفقه 

أجوبة المسائل 

 

المفقودة

 

لتعليقات على التبيان 

رسالة في معنى الناصب 

المناسك 

رسالة في مسائل تتميم الماء القليل بالكر 

 

وفاته

هناك اختلاف حول وفاته، فقد ذكر الكفعمي أنّها كانت في يوم الجمعة 18 شوال 598 هـ 11 أيلول 1202 م [٢٩]. والذهبي في 597 هـ ولذلك ليس صحيحا ماورد على لسان علماء الشيعة المتأخرين أنّه توفي قبل أن يصل إلى الـ25 من عمره ودفن في باحة جامع يدعى بـ «جامع ابن إدريس».

أقوال العلماء فيه:

لقد ترجم لابن إدريس معظم أرباب المعاجم واختلفوا فيه بين مادح مستحسن وذام طاعن قادح، ولكن وكما سيأتي معنا فإنه لا معنى للقدح في هذه الشخصية الكبيرة، وما ذكر من الطعن والقدح فهو مدخول، وما ذكر في حقه من المدح فهو سليم يتوافق ومقتضى حاله. قال ابن حجر (ت 853هـ) في ترجمته: "ابن إدريس العجلي الحلي فقيه الشيعة وعالمهم، له تصانيف في فقه الإمامية ولم يكن للشيعة في وقته مثله". وقال الحافظ الذهبي (ت 748هـ) في حوادث ووفيات سنة 591هـ 600هـ: "الشيخ أبو عبد اللَّه العجلي الحلي، فقيه الشيعة، وكان عديم النظير في علم الفقه، صنف كتاب (الحاوي لتحرير الفتاوي) ولقبه بكتاب (السرائر)، وهو كتاب مشكور بين الشيعة، وله كتاب (خلاصة الاستدلال)، وله (منتخب كتاب التبيان) فقه، وله (مناسك الحج) وغير ذلك في الأصول والفروع. قرأ على الفقيه راشد بن إبراهيم، والشريف شرف شاه. وكان بالحلة، وله أصحاب وتلامذة، ولم يكن للشيعة في وقته مثله". وترجمه السيد الأمين في أعيانه بقوله: "فخر الدين أبو منصور محمد بن إدريس بن محمد العجلي الحلي فقيه الشيعة، كان من فضلاء فقهاء الشيعة والعارفين بأصول الشريعة" وفي ترجمته لابن إدريس، يقول ابن داود الحلي (ت 707 هـ): كان شيخ الفقهاء بالحلة متقناً في العلوم كثير التصانيف، لكنه أعرض عن أخبار أهل البيت بالكلية ويعلق المحقق آل بحر العلوم على ذلك بأن ابن إدريس لم يعرض عن أخبار أهل البيت عليهم السلام بالكلية كما يظهر ذلك من كتاب (السرائر)، وإنما أعرض عن أخبار الآحاد التي لا تفيد العلم، والتي لا تكون مقرونة بقرائن تفيد العلم، كما يصرح هو نفسه في كتبه الفقهية، فحاله في ذلك كحال علم الهدى السيد المرتضى

عصر ابن إدريس:

لقد تميز العصر الذي أعقب وفاة الشيخ محمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة وحتى مجي‏ء ابن إدريس أي ما يربو على المائة سنة تقريباً، تميز هذا العصر بروح الجمود والتقليد في المجالين الفقهي والأصولي والوقوف على آراء الشيخ الطوسي، والرهبة من مخالفتها أو مناقشتها، لما كان عليه شيخ الطائفة من حضور علمي وفكري أرخى بظلاله على المناخ الفكري الشيعي طيلة قرن من الزمن، حتى أن هذا العصر قد وُسم علماؤه بسمة المقلِّدة، إشارة إلى تقليدهم للشيخ الطوسي، ومتابعتهم إياه. وقد استمر هذا الوضع على ما هو عليه من الجمود والمراوحة حتى قيّض اللَّه سبحانه عالماً كبيراً من العلماء المجددين ألا وهو ابن إدريس، الذي أحدث نقلة نوعية في الفكر الفقهي الإمامي، وانقلاباً كبيراً على ما هو سائد. وهكذا، عمل على بث روح التجديد في الفكر العلمي، وفتح الباب أمام حراك فكري جدلي ينفض الغبار عن زمان الجمود والتقليد. ويمكننا هنا أن نقف على بعض تميزات وخصائص عصر ابن إدريس، كما يراها ابن إدريس في كتاب السرائر. ومن هذه الخصائص:

 

1 - عدم الاهتمام بالعلم والمعرفة: حيث يصف ابن إدريس عصره بأنه عصرٌ زَهِدَ أهله في علوم الشريعة المحمدية والأحكام الإسلامية وتثاقلوا في طلبها، وأنهم يتنكرون لكل ما يجهلونه ولا يعرفونه.

 

2 - عدم الترحيب بالفكر الجديد: فالناس في عصره لم تقدر على تحمل سماع القول الجديد والفكر الحديث، فكان مجتمعه يتعاطى مع الأفكار الجديدة بكثير من السخرية والانتقادات اللاذعة، وذلك انطلاقاً مما رسخ في عقولهم وزرع في أذهانهم من تقديس لآراء الأقدمين من العلماء، يقول ابن إدريس "إنه ليس لمن أتى في زماننا هذا بمعنى غريب وأوضح عن قول معيب ورد شاردة خاطر غير مصيب، عند هؤلاء... إلا أنه متأخر محْدث.." ويتابع ابن إدريس كلامه في أن ميزان الأفكار حسنها ورديئها ليس بتقدمها وتأخرها يقول: "ليس بقدم العهد يفضل القائل، ولا لحدثان العهد يهتضم ... ولكن يعطى كل واحد منهما ما يستحق، فالعاقل اللبيب الذي يتوخى الإنصاف، فلا يسلِّم إلى المتقدم إذا جاء بالردى لتقدمه ولا يبخس المتأخر حق الفضيلة إذا أتى بالحسن لتأخره... فمن العدل أن يذكر الحسن ولو جاء ممن جاء، ويثبته للآتي به كائناً من كان، ولا ينظر إلى سبق المتقدم وتبع المتأخر، فإن الحكمة ضالة المؤمن على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله والخبر المشهور عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله: "أنظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من قال"

 

3 - تقليد السلف: وهو إحدى الظواهر غير المشكورة في عصر ابن إدريس. وابن إدريس يتحدث عن هذه الظاهرة في مواضع متعددة من السرائر، فيعتبر عصره عصر التقليد وفقهاء هذا العصر "مقلدة". وإذا كان ذاماً للتقليد، فهذه القاعدة يطلب من الآخرين إجراءها على أنفسهم قبل غيرهم، يقول في خاتمة كتاب السرائر: "ونقسم باللَّه تعالى على من تأمله أن لا يقلدنا في شي‏ء منه، بل ينظر في كل شي من نظر المستفتح المبتدي

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار