المقالات والبحوث

القرآن وثقافة تحييد المنفلتين ✍ الشيخ عماد مجوت

القرآن وثقافة تحييد المنفلتين   ✍ الشيخ عماد مجوت
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

القرآن وثقافة تحييد المنفلتين 

 

✍ الشيخ عماد مجوت

 

 

  الحصانة الاجتماعية مسؤولية أخلاقية وقانونية حملها القرآن الكريم للجميع كما حملهم مسؤولية الحصانة الفردية خصوصا النُّخْبَ منهم، ومن تلقى المسؤولية على عاتقهم كما في قوله تعالى: ﴿وَتَرى كَثيرًا مِنهُم يُسارِعونَ فِي الإِثمِ وَالعُدوانِ وَأَكلِهِمُ السُّحتَ لَبِئسَ ما كانوا يَعمَلونَ * لَولا يَنهاهُمُ الرَّبّانِيّونَ وَالأَحبارُ عَن قَولِهِمُ الإِثمَ وَأَكلِهِمُ السُّحتَ لَبِئسَ ما كانوا يَصنَعونَ﴾ [المائدة: ٦٢-٦٣]. فكما هي مسؤولية على العلماء (الأَحبارُ) كذلك هي مسؤولية جميع المتدينين (الرَّبّانِيّونَ) بل هم أولى لقربهم من الواقع الميداني وملامسته .

 

#واليوم يشهد العالم الافتراضي مساحة كبيرة في تحريك الواقع الاجتماعي تصل إلى حد تسخيره كوسيلة من وسائل الحرب النفسية التي تستخدم في الضغط على الحكومات لفرض الإرادة عليها، وكذلك تذويب ثقافة المجتمعات بما يجعلها مسلوبة الهوية والثقافة، وهي واحدة من مفردات الحرب الناعمة التي نعيشها اليوم بكل مفردة من مفردات حياتنا.

 

#وادراك هذا الواقع لا يحتاج إلى تأمل كثير لتلمسه فإن الواقع الافتراضي يعج بهم حتى وصل الحال إلى تسميتهم تسمية مخصوصة مناسبة لواقع ما يطرحونه فيقال أنه صاحب محتوى هابط .

 

#نعم ربما يساهم البعض في صناعة ذلك بلا ألتفات إلى الآثار السلبية التي يعكسها على العوائل بل اغراء الشباب والشابات بالانفلات الأخلاقي، ومن هنا كانت دعوة القرآن الكريم إلى الناس أولاً إلى مقاطعة هذا النحو من الطرح بقوله تعالى :(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (المؤمنون: ٣). وقوله تعالى: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (القصص:٥٥).

 

#ثم توعد القرآن الكريم الراغبين بإشاعة الفاحشة بالعذاب الأليم لو بمجرد نقل أخبارها كما في سورة النور :﴿إِنَّ الَّذينَ يُحِبّونَ أَن تَشيعَ الفاحِشَةُ فِي الَّذينَ آمَنوا لَهُم عَذابٌ أَليمٌ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ﴾ [النور: ١٩].

 

#ثم حذر القرآن الكريم العوائل بضرورة الحصانة الأخلاقية والعفة مخافة أذية المنفلتين بقوله تعالى : ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِأَزواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ المُؤمِنينَ يُدنينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابيبِهِنَّ ذلِكَ أَدنى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذَينَ وَكانَ اللَّهُ غَفورًا رَحيمًا﴾ #ثم جرم فئات الانفلات بتسليط النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم بقوله:﴿لَئِن لَم يَنتَهِ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ وَالمُرجِفونَ فِي المَدينَةِ لَنُغرِيَنَّكَ بِهِم ثُمَّ لا يُجاوِرونَكَ فيها إِلّا قَليلًا﴾ [الأحزاب: ٥٩-٦٠]. والاغراء بهم بمعنى التسليط عليهم. وهو معنى تشريع قانون تحيدهم لسلامة المجتمع من وبائهم .

 

#ووظيفة المؤمنين اليوم الأهم من كل مهم هو تحصين مجتمعنا من نماذج الهبوط الأخلاقي، خصوصاً مع تقنين ذلك بقانون، وإدراك الناس لخطرهم، وأضعف الإيمان هو التبليغ عنهم وتحييدهم اجتماعياً، وإبعاد شرهم عن الناس، وفي الأثر المطابق للواقع : «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن». أي: ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام، ما لا يمتنع كثير من الناس منه بالقرآن.

 

#ولقد رأينا كيف كف كثير من أهل الباطل هذه الأيام عما كانوا يملؤون الدنيا به ضجيجا ، وهي فرصة لإعادة الهيبة والقدسية لأحكامنا الدينية وعاداتنا وتقالدينا المحترمة التي شوهها هؤلاء، وقد قال تعالى:﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ *الَّذينَ إِن مَكَّنّاهُم فِي الأَرضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَروا بِالمَعروفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الأُمورِ﴾ [الحج: ٤٠-٤١].

#ولم نكن خير أمة إلا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى: ﴿كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ تَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَلَو آمَنَ أَهلُ الكِتابِ لَكانَ خَيرًا لَهُم مِنهُمُ المُؤمِنونَ وَأَكثَرُهُمُ الفاسِقونَ﴾ [آل عمران: ١١٠] ، وخير المؤمنين هو الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر : ﴿وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدعونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾ [آل عمران: ١٠٤]. وإنما يستدل على الصالحين بما وصفهم الله تعالى به بقوله:﴿يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَيَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُسارِعونَ فِي الخَيراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصّالِحينَ * وَما يَفعَلوا مِن خَيرٍ فَلَن يُكفَروهُ وَاللَّهُ عَليمٌ بِالمُتَّقينَ﴾ [آل عمران: ١١٤-١١٥].

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار