المقالات والبحوث
دلالات بيئية في حديث الإمام الرضا (ع)
دلالات بيئية في حديث الإمام الرضا (ع)
[انعقد المؤتمر الخامس للإمام الرضا (ع) في مشهد، وفيما يلي جزء من الخطاب الملقى في إحدى جلسات هذا المؤتمر]
هناك حديث للإمام الرضا (ع)، يُمكن استخلاص العديد من الدلالات البيئية حول الأرض الطيبة والعمران والسقي منه.
والحديث هذا:
"...الارضِ الطیبةِ مَتى تُعُوهِدَت بالعمارَةِ والسَّقى، من حیثُ لا یزدادُ فى الماءِ فَتَغرقَ، و لا ینقَص منه فتَعطَشَ، دامت عمارتُها، و کَثُر رَیعُها، و زَکى زَرعُها، و ان تُغُوفِل عنها فَسَدت، و لم ینبُت فیها العُشبُ"
إليك هذه الدلالات:
1. الدلالة على العناصر الأساسية للبيئة:
طرح الامام عناصر بيئية مترابطة، وهي: الأرض، والماء، والنبات.
يسلط هذا الحديث الضوء على علاقة مترابطة بين الأرض، والماء، والنبات، حيث تعتبر الأرض أساساً للحياة، والماء مصدرها، والنبات جزءًا أساسيًا في دورة الحياة.
2. الدلالة على التوازن البيئي:
التوازن البيئي يعد أمراً حيوياً لحفظ سلامة الأرض وإنتاجيتها. فالأرض الخصبة تحتاج إلى كمية معتدلة من الماء لتنمو وتثمر، وإذا زادت أو نقصت كمية الماء فإن ذلك يؤدي إلى ضررها.
ويظهر هذا التوازن في حديث الإمام (ع)، حيث يحث على عدم الإفراط في الري فتغرق الأرض، وعدم التفريط في الري فتعاني من الجفاف، مما يبرز أهمية الاعتدال في استخدام الموارد الطبيعية لضمان استمرار الحياة.
يقول الإمام (ع):
"بحيث لا تزداد في الماء فتغرق، ولا ينقص منه فتعطش".
ويمكن القول إن الإمام (ع) يلقي الضوء على جانب آخر من هذا التوازن في كلامه، حيث يصف الأرض الخصبة كيف تكون مستقرة عبر المحافظة على توازن بين العمارة والسقي، مما يحافظ على استقرارها ويمنع فيضانها أو جفافها. يعكس هذا تأكيده على أهمية الاعتدال في استخدام الموارد الطبيعية لضمان استمرار الحياة. ويقول: "... الارضِ الطیبةِ مَتى تُعُوهِدَت بالعمارَةِ والسَّقي ... دامت عمارتُها....".
3. الدلالة على المسؤولية البيئية:
يُؤكد الحديث على مسؤولية الإنسان في رعاية الأرض والعناية بها؛ حيث:
أ- إن الأرض الطيبة تزدهر بالعمران والسقي، وتفسد بإهمالها.
والعمران وإهماله عمل الإنسان.
ب- تتجسد هذه المسؤولية في مفهوم التعاهد في كلام الإمام (ع) أيضا؛ حيث يعكس التعاهد التزامًا وجهدًا مستمرًا.
4. الدلالة على توقف ديمومة الحياة على الأرض على التوازن:
يُشير الحديث إلى ما يسمى اليوم بديمومة الحياة على الأرض، والتي تقوم على أنه ما دام الإنسان يُحافظ على التوازن البيئي ويُرعى الأرض، ستبقى الأرض مصدرًا للخير والإنتاج.
فعبارة "دامت عمارتُها، و کَثُر رَیعُها، و زَکى زَرعُها" في الحديث، تحمل دلالة عميقة على ديمومة الحياة على الأرض عبر رعاية حالة التوازن.
فكما أن الأرض الطيبة تزدهر وتُنتج عندما تُحافظ على توازنها البيئي وتُرعى بشكلٍ مسؤول، فإن ديمومة الحياة على الأرض مرتبطة باستمرار هذا التوازن والرعاية.
© Alhawza News Agency 2019