المقالات والبحوث

قســـوة القلــــب، وعواملها ، بقلم الشيّخ أحمد العبودي

 قســـوة القلــــب، وعواملها ، بقلم الشيّخ أحمد العبودي
المصدر: واحة_ وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


قســـوة القلــــب، وعواملها ، بقلم الشيّخ أحمد العبودي


1

القسوة : مأخوذ من قسوة الحجارة و هي صلابتها ، وتعني غلظ القلب ، وصلابته ، وهو خلة مذمومة لعدم تأثّر صاحبه بالمواعظ والعبر ، فلا يخشع لحق ولا يتأثر برحمة . ويقابله رقة القلب ، ورحمته وتأثره بالعظات واتعاظه بالعبر .

وقد ذم الله قسوة القلب في الكتاب المجيد حيث قال تعالى: "أ لم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله و ما نزل من الحق و لا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم و كثير منهم فاسقون"(1).

وقد إهتمت الشريعة الاسلامية بسلامة القلب وحثت عليها في الكثير من الآيات والروايات لما للقلب من تأثير كبير فقد روي عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) : « في الإنسان مضغة إذا هي سلمت وصحت سلم بها سائر الجسد ، فإذا سقمت سقم لها سائر الجسد وفسد ، وهي القلب » (2) . ولا يقصد بالقلب ذلك الجسم الصنوبري الذي يضخ الدم الى أجزاء الجسم كما هو معلوم ، بل يقصد به : الروح الإنسانية التي لها تعلق خاص بالقلب الصنوبري ، وفي حصول صفة التسليم لها تكون صحتها ، وتمرض فيما إذا عرض الطغيان عليها.

وبما إن القلب إمام سائر أعضاء الجسم فإن طاب وسلم سلمت سائر الأعضاء بعدم إرتكابها المعاصي ، وإن فسد القلب فسدت سائر الأعضاء بعصيانها لأحكام الله (تعالى) . وهذا هو المراد من قوله عليه السلام : « إذا طاب قلب المرء طاب جسده ، وإذا خبث القلب خبث الجسد » (3) . وكذا من قول علي عليه السلام : « أشد من مرض البدن مرض القلب ، وأفضل من صحة البدن تقوى القلوب » (4) .

ولا يسلم القلب من الأمراض إلا إذا كان مستجيباً لروح الايمان عاصيا لأوامر الشيطان كلما أقدم على ذنب ، كما ورد في النصوص : " أن للقلب أذنين ، فإذا هم العبد بذنب قال له روح الإيمان : لا تفعل ، وقال له الشيطان : إفعل "(5) .

ولأن قسوة القلب تحول دون إطاعة روح الايمان وعصيان الشيطان فقد أعتبرت من علامات الشقاء كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: " من علامات الشقاء جمود العين وقسوة القلب، وشدة الحرص في طلب الرزق، والاصرار على الذنب "(6ع 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحديد: 16
(2) مشكاة الأنوار ج1 ص195
(3) ميزان الحكمة ج8 ص310
(4) بحار الانوار ج67 ص61
(5) المصدر الاسبق ج8 ص319
(6) بحار الانوار ج67 ص52.
------------------------------------------------- 

عوامل قسوة القلب:

2

ولقسوة القلب حسبما ورد في الأدلة الشرعية عوامل وأسباب أهمها:

أولاً: إرتكاب الذنوب :
فقد ورد أن أشد العوامل إفساداً للقلب هو إرتكاب الذنوب واقتراف المعاصي كما في "وأن الخطيئة أفسد شيء للقلب . فما تزال به حتى تجعله منكوساً "(1) و " وأنه ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب ، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب "(2)

ثانياً : طول الأمل :
كما ورد أنّ من جملة كلام الله سبحانه وتعالى مع موسى (عليه السلام) : «يا موسى لا تطول في الدنيا أملك، فيقسو قلبك، والقاسي القلب مني بعيد»(3).

ثالثا : كثرة الأكل :
فقد روي عن ا لإمام الصادق (عليه السلام): " ليس شئ أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل، وهي مورثة لشيئين: قسوة القلب، وهيجان الشهوة " (4). وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب، فإن القلب يموت كالزرع إذا كثر عليه الماء "(5)

رابعاً : كثرة الكلام :
فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة القلب، إن أبعد الناس من الله القلب القاسي "(6). - عنه (صلى الله عليه وآله): " ثلاثة يقسين القلب: استماع اللهو، وطلب الصيد، وإتيان باب السلطان " (7)

خامساً : طرح التراب على ذوي الأرحام:
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): " أنهاكم أن تطرحوا التراب على ذوي الأرحام، فإن ذلك يورث القسوة في القلب، ومن قسا قلبه بعد من ربه "(8).تبع 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الانوار ج70 ص55
(2) ميزان الحكمة ج8 ص331
(3) المصدر السابق ج1 ص95
(4) و(5)نفس المصدر ص80
(6)و(7)و (8) نفس المصدر ج8 ص332.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار