المقالات والبحوث

كلمات سريعة في عصمة أئمتنا الإثني عشر (عليهم السلام )بقلم الشيخ حيدر اليعقوبي

كلمات سريعة في عصمة أئمتنا الإثني عشر (عليهم السلام )بقلم الشيخ حيدر اليعقوبي
المصدر: واحة_ وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


كلمات سريعة في عصمة أئمتنا الإثني عشر (عليهم السلام ) ....
وهي قضية واضحة في عقيدتي وقناعتي ، عند كل من يقرأ النصوص الواردة بفهم وإستيعاب ، ووعي للترابط والإنسجام الذي يظهر بالتمعن في مجموع الأدلة والإشارات الواردة في مقام البيان والتنبيه .
ومن هذه الأدلة والإشارات ما يلي :
١- حديث الثقلين ، وهو قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، كتاب الله وعترتي .
مع وضوح ان كتاب الله كتاب معصوم لا يأتيه الباطل ، وقد حصل بموجب هذا البيان قرن ومساواة وتوحيد في النتيجة والغاية ، وهي الهداية الى الحق ، التي لا تحصل بحسب المفروض الا بإتباع الطريق الحق الذي تبين أن أحد ركنيه هو القرآن والركن الثاني هو الأئمة (عليهم السلام ) ، ولايمكن ان يتم ذلك الا بإفتراض العصمة في الركن الثاني أيضاً .
٢- آية التطهير ، وهي قول الله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )
حتى بناء على أنها نزلت مع بدايتها دفعة واحدة ، فإن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خصصها ( وهو في مقام البيان والحصر ) في عدة مناسبات ، خصصها في أهل بيته (عليهم السلام ) ، وهم الإمام علي والحسن والحسين (عليهم السلام ) ، مع الزهراء (عليها السلام ) ..
ومن تلك المناسبات عندما جمعهم تحت الكساء ، وخصصها فيهم كما في عدة روايات وردت في كتب الشيعة وغيرهم , حنى أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أخرج منها أم سلمة ( رضوان الله تعالى عليها ) , مع أنه بشرها بأنها الى خـير ..
والتطهير من الرجس بموجب كل هذه القرائن والإشارات ، وبمقتضى كل هذا التأكيد والتركيز ، كان بمعنى التقديس والتنزيه المرادف لمعنى العصمة عن الذنوب وعن الخطأ والضلال .
٣- عصمة النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الذنوب وعن الخطأ في مقام التبليغ ، إذ هي ثابتة للنبي (ص) عند كل مؤمن حقيقي ، يفهم قول الله تعالى : ( وما ينطق عن الهوى ، إن هو الا وحي يوحى ) ، ويستوعب معنى الإصطفاء ، ومعنى قوله تعالى : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) .
هذه العصمة لها ملاك وتفسير ، وسبب وتأويل ، وهو نفسه ينطبق حتماً على مقام الوصي والإمام الذي يختاره النبي (ص) بأمر الله ووحيه ، ليكمل الرسالة من بعده ، من دون الحاجة الى مقام النبوة .
واذا ثبت هذا الأمر لأمير المؤمنين علي (عليه السلام ) ، فلماذا لايثبت لمن بعده ، خصوصاً للحسن والحسين (عليها السلام ) ، المنصوص عليهما أيضاً ، وهما سيدا شباب أهل الجنة ، والإمامان قاما أو قعدا ..
واذا ثبت لهما ، فلماذا لا يثبت لمن بعدهما من الأئمة (عليهم السلام ) ممن نص عليه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما في بعض الروايات ، أو نص عليه الإمام المنصوص عليه .
بل المفروض ان العصمة هي من لوازم الإمامة التي هي مكملة للرسالة المحمدية ، والتي إبتدأت سلسلتها وقاعدتها بنص ثابت عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم أمر الأمة بأن تبايع بالسمع والطاعة والولاء لخط الإمامة والخلافة الذي إبتدأ بعلي بن أبي طالب (عليه السلام ) ، وهو الذي سيقرر وينص على من سيكون بعده .
٤- ان كلمة ( إمام ) في القرآن الكريم عندما وردت في سياق الحديث عن الأنبياء (عليهم السلام ) ، وردت بمعنى قيادة الناس وإيصالهم وهدايتهم الى الحق وأمر الله تعالى ، وهذا المعنى لا يتم ولا يحصل الا بالعصمة في مقام التبليغ .
فإذا وردت كلمة إمام أو أئمة في سياق حديث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو يتحدث عن الخلافة والوصاية من بعده ، فهذا يعني ان المقصود منها هو نفس المعنى السابق ، وهو قيادة الناس وإيصالهم وهدايتهم الى الحق وأمر الله تعالى ، وهذا المعنى لا يتم ولا يحصل الا بالعصمة في مقام التبليغ ، لكن بعنوان الوصاية أو الخلافة لا بعنوان النبوة .
٥- إنه قد وردت روايات عديدة متظافرة ، تصف الأئمة (عليهم السلام ) بأنهم أركان الأرض والهداة وحجج الله ونور الله وأمناء الله وخزنة علمه ، ونحو ذلك من الأوصاف التي لاتتحقق ولا تتم الا في معصوم عن الذنوب والضلال ..
وفي روايات أخرى عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وردت حتى في كتب العامة أن مثل أهل بيت النبي كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هلك ، وأنهم أمان لأهل الأرض عند الإختلاف ، ونحو ذلك مما يكشف عن كونهم أهل حق وهداية واقعية ، وهو دليل واضح على العصمة .
٦- ان العصمة عن الذنوب متحققة بالنقل أو بالوجدان في عدد من الأشخاص على طول التأريخ ، فهي ممكنة بنحو الإكتساب والسعي ، فلماذا يمنعها البعض أو يحيلونها في أئمتنا (عليهم السلام ) ، وهم أهل التقوى والورع والفضل عند جميع المذاهب الإسلامية .
وأما العصمة في التبليغ فأئمتنا (عليهم السلام ) يشهدون بها لأنفسهم ، وهم يعلمون الناس أصول الدين وفروعه بلسان العصمة والعلم اليقين ، وليس بلسان أهل الرأي والإجتهاد ، وهم ( عند علماء الرجال والفقه من أمة الإسلام ) منزهون عن الكذب

والإدعاء ، وفوق التوهم والجهل المركب ..
يظهر ذلك بوضوح من مراجعة تراجمهم (عليهم السلام ) وكلمات أئمة المذاهب وعلمائهم فيهم (عليهم السلام ) .
وليس في هذا دور أبداً ، لأن ثبوت العصمة لهم ، بناء على هذه الإطروحة ، كان بشهادة الأئمة (عليهم السلام ) أنفسهم بذلك ، وحجية هذه الشهادة تأتي من مصداقيتهم وعلو منزلتهم الأخلاقية والعلمية عند العلماء .
هذه كلمات أشعر أن فيها الكفاية ، في عصمة سادتي وأئمتي الإثنى عشر (عليهم السلام ) ، رزقنا الله تعالى حسن الإقتداء بهم ونيل شفاعتهم .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار