المقالات والبحوث

إذا ظهر المهدي (عليه السلام)، بقلم الشيخ عماد الهلالي

إذا ظهر المهدي (عليه السلام)، بقلم الشيخ عماد الهلالي
المصدر: واحة_ وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


إذا ظهر المهدي (عليه السلام)، بقلم الشيخ عماد الهلالي

إذا ظهر الإمام المهدي (عليه السلام) ستأتلف الحيوانات مع بعضها ولا يكون هناك خوف أو افتراس لبعضها البعض، مما يدلك على أن العداوة والخوف والافتراس بين الحيوانات ليس شيئاً أصيلاً، وقد بشرت النبوات القديمة والنصوص التي تأخذ منها بهذا المستقبل، فملحمة كلكامش بشرت بالأرض التي (يعيش فيها الذئب إلى جانب الحَمَل بسلام) ولو لم تكن هناك ثقافة نبوية تبشر بهذا المستقبل لما أمكن لكاتب بشري أن يعرف هذا الغيب البعيد.

وفي التوراة سفر إشعيا، الإصحاح 11:6-9: (فيسكن الذئب مع الخروف، ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمن معاً وصبي صغير يسوقها. والبقرة والدب ترعيان ، تربض أولادهما معاً ... والأسد كالبقر يأكل تبناً ، ويلعب الرضيع على سرب الصل ، ويمد الفطيم يده على جحر الأفعوان . لا يسوؤون ولا يفسدون ، في كل جبل قدسي، لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر).

وفي النصوص الإسلامية ذُكر هذا الحدث المستقبلي كإنجاز من إنجازات دولة المهدي (عليه السلام) وبركات ظهوره، وقد ذكر مجملاً ومعنوناً.

فالمجمل هو أحاديث امتلاء الأرض قسطاً وعدلاً فإن تداعي المعاني وإطلاقها يجعلنا نقبل أن يسري العدل حتى إلى الحيونات، ففي بحار الأنوار وفي البخاري: (لو لم يبقَ من الدهر إلا يوم واحد، لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً).

والمعنون ما ذكر نص زوال الخوف والافتراس بين الحيوانات وحصول الائتلاف، ففي عقد الدرر للسلمي الشافعي بسنده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في حديث قال: (فيبعث المهدي إلى أمرائه بسائر الأمصار: بالعدل بين الناس، وترعى الشاة والذئب في مكان واحد، ويلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا يضرهم شيء، ويذهب الشر ويبقى الخير ، وينزع السم حتى يدخل الطفل يده في فم الأفعى فلا تضره ويلعب الأطفال مع الأسود ولا تضرهم والذئب مع الغنم كالكلب وتخرج خيرات الأرض وتنزل السماء خيراتها).

وفي بصائر الدرجات عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في ذكر المهدي (عجل الله فرجه): (وتأمن الوحوش حتى ترتعي في طرف الأرض كأنعامهم).
 
ويساعد العلم الحديث والتجارب المعاصرة على قبول هذه النتيجة فإن الكثيرين قد نجحوا في ترويض الحيوانات والائتلاف معها كالنمور والأسود وحتى التماسيح، رغم أن بعض الاتجاهات تجعل الافتراس من طبيعة الحيوانات.

والنفس بطبيعتها حين ترى مشهد افتراس فإنها تحزن لأجل الحيوان المفترَس ولا تراه أمراً طبيعياً، بل هو من الظلم بلا شك ولو أمكن للإنسان أن يوفر للأسد طعاماً آخر غير الفرائس لاختار هذا الأمر وأنقذ الفريسة المسكينة. فالافتراس وحياة العداء ليس أمراً طبيعياً.

كما تفيد بعض البحوث أن بإمكان الحيوانات أن تعيش بلا أكل لحوم بعضها كأكل الحشائش والفواكه.ولنا أن نتصور حجم الوفرة الأحيائية التي ستحصل في البر والبحر بسبب هذا التآلف.

ونتصور أن يحصل هذا بعدة أسباب غير متنافية:

(1) أن تعم المعرفة الإلهية حتى للحيوانات كما في نص إشعيا. ويكون ذلك بسبب رعاية المهدي (عليه السلام) لجميع الكائنات، وفي الحديث الشريف: (إنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم).

(2) أن تكون بسبب التربية المكثفة التي يمارسها جنوده ورعايتهم للمجتمعات بما فيها الحيوانات، ولعل نص عقد الدرر يؤيد ذلك فهو قد بدأ بقوله: (فيبعث المهدي إلى أمرائه بسائر الأمصار بالعدل بين الناس وترعة الشاة مع الذئب..). ولعله في ذلك الزمان تُعرف لغة التفاهم مع الحيوانات فتثقف وتعلم بما يناسبها وتهذب أخلاقها. ولا شك أن جنود الإمام المهدي الذين سيوزعهم على الأمصار تلقوا هذا العلم المناسب لهذه المهمة منه سلام الله عليه.

(3) ولعله لكثرة المال والخيرات والبركات فلا تحتاج الحيوانات لأكل بعضها البعض حتى تذهب منها طبيعة الافتراس التي توارثتها بطريقة أو بأخرى.

(4) أن نفهم أن الحيوانات المفترسة تُسلط على العناصر التي لم يعد لها فائدة في الحياة الأرضية وعلى الغافلين عن ذكر الله ففي الحديث الشريف أن الطيور لا تقع في شبكة الصياد إلا لأنها تغفل عن ذكر الله. وهناك روايات تذكر عدم تعرض الوحوش لأولياء الله وعدم المساس بهم بل خدمتهم وخدمة أتباعهم، وفي عصر الظهور يعم ذكر الله الأرض فلا يكون هناك مخلوق يثير عداوة الوحوش.

والأرجح أن يكون ذلك بسبب الوعي الكبير الذي يعم الأرض حتى تشرق بنور ربها، والله العالم.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار