المقالات والبحوث

الزيارة الفاطمية الكبرى عِبرة وعَبرة بقلم الشيخ عباس الناصري

الزيارة الفاطمية الكبرى عِبرة وعَبرة بقلم الشيخ عباس الناصري


الزيارة الفاطمية الكبرى عِبرة وعَبرة
بقلم الشيخ عباس الناصري


بسم الله الرحمن الرحيم
الزيارة الفاطمية الكبرى: عِبرة وعَبرة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل محمد الطاهرين.
ان من أعظم النعم الإلهية على الأمة المرحومة نعمة الموالاة للنبي الأكرم وآله الأطهار، والعيش في كنف نفحاتهم، والانصهار في وجوداتهم الكريمة (صلوات ربي عليهم اجمعين).
وانطلاقا من هذا المعتقد الشريف بودي الحديث في هذه الفرصة الطيبة عن السيدة الزهراء، وتحديدا عن الزيارة الفاطمية الكبرى لها (عليها السلام) والتي تصادف في الثالث من جمادى الآخرة من كل عام، فمن المناسب جدا أن نسلط الضوء على ما تتضمنه هذه الشعيرة المباركة من عِبرة وعَبرة تشكلان في واقعهما بعضا من آثار تلك النعمة الإلهية المباركة.
أما كونها عَبرة فأمر واضح على أساس ما تتضمنه هذه الزيارة وتوجده في نفوس الموالين من استذكار وتجدد للاحزان والمآسي التي أصابت سيدتنا الزهراء (عليها السلام) بعد فقد أبيها (صلى الله عليه واله وسلم) ومن أقرب المحسوبين عليه، أولئك الذين كان يتوقع منهم البر بها، والتقدير لمقامها الكبير والذي طالما كانوا يسمعونه من رسول الله (صلى الله عليه واله).
نعم فلقد ظلمها حقها وجار عليها وتجاوز على مقامها أناس كانوا يتوددون ويتوسلون لكسب رضا رسول الله (صلى الله عليه واله) في حياته، فلما وافته المنية انقلبوا على أعقابهم، فغصبوا الزهراء حقها وهم يعلمون بأن رضا الله تعالى كامن في رضاها، وسخطه في سخطها.
ومع استذكار وتجدد هذه المصيبة الكبرى فلا عجب في أن ترتخي العيون لتذرف الدموع، ومن قبلها القلوب يعتصرها الألم والأسى على عزيزة النبي وحبيبته المهضومة (صلوات ربي وسلامه عليه وعليها وآلهما الطاهرين)، ولذا كانت وبحق عَبرة ولوعة في النفوس الطاهرة إلى يوم الدين.
واما العِبرة المستفادة من هذه المناسبة السنوية فهي ما تستفيده الأمة من معانٍ سامية وأبعادٍ حياتية رصينة، سواء على المستوى الفردي أو الاجتماعي، من خلال القراءة السنوية لسيرة ومسيرة السيدة الزهراء عليها السلام، حالها حال البحث والغور في اعماق سيرة ومسيرة النبي الأكرم وباقي الائمة الطاهرين (عليهم افضل الصلاة والسلام)، حيث نهلت وتنهل الأمة على مر الأزمان من خالص نورهم و فيض عطائهم الكريم.
ولما كانت قراءة ودراسة أعماق التاريخ من قبل عِلية القوم وقادتهم أكثر نضجا واشدّ تركيزا من دراسة غيرهم، فلا غرو أن تعتز الأمة الإسلامية الكريمة بقراءة سيرة ومسيرة سيدتنا الزهراء (عليها السلام) من قبل ناصرها بالحق والصدق سماحة المرجع الديني الشيخ اليعقوبي(دام ظله الشريف)، والتي يلقيها على شكل خطاب سنوي للأمة الإسلامية في صبيحة يوم الشهادة على الجموع الغفيرة التي تنتظر هذا الخطاب على أحر من الجمر، وتتأمل مضامينه وكنوزه الرفيعة؛ لتستلهم منه الدروس والعِبر، وتستنهض النفوس لترتقي بذواتها لتتجه نحو عالم العصمة والكمال، انه عالم القيام والنهضة والصمود.
إن تلك الصبيحة التي صارت شعارا للقيام الفاطمي المبارك شكّلت للمؤمنين الواعين في العراق على الأقل نسمة الحياة، وحياة الروح، وروح الإيمان ولبّه.
نعم يستلهم المؤمنون والمؤمنات في ذلك الصباح المنير الثباتَ على المنهج، والهمة في تأدية التكليف، والإخلاص والانقطاع إلى المولى الحقيقي، مستضيئين بنور السيدة الزهراء الوهاج؛ لرفض الباطل وألوان الانحراف والظلال الذي طالما عصف بمجتمعاتنا ومازال.
وفي ختام هذه الكلمة أدعو أحباب الزهراء عليها السلام التواقين الى شفاعتها، المنقطعين الى المولى الحق عزّ وجلّ، والمتمسكين بحبل الولاية الفاطمية الكبرى، الى الاستفادة من هذه المناسبة بكل تفاصيلها وما تتضمنه من عَبرة وعِبرة، وأن يبرزوا معالم الحزن والأسى على مصيبتها العظمى أينما كانوا، وخصوصا عند صاحب العزاء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في النجف الأشرف، وأن يستفيدوا الدروس والعِبر من حياتها الكريمة ومواقفها الصلبة في حياتهم ومواقفهم العملية، وأن لا يفوّتوا على أنفسهم بركات المشاركة في هذا المناسبة المباركة، وما تتضمنه من تشييعٍ رمزي للسيدة الطاهرة الزهراء عليها السلام، حيث يشيّعها آلاف الموالين جهارا نهارا، ليرفعوا عنها الظلامة، وينصروها بالقول والفعل، ويكفّروا بذلك التشييع المبارك عن تقصير الأمة في حقها العظيم على مر العصور.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل محمد الطاهرين.
عباس الناصري
١٩ جمادى الآخرة ١٤٣٩ هج

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار