المقالات والبحوث

قراءة مختصرة في خطاب سماحة المرجع دام ظله؟ المعية الإلهية ... الثمرات والمراتب؟

قراءة مختصرة في خطاب سماحة المرجع دام ظله؟ المعية الإلهية ... الثمرات والمراتب؟
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


قراءة مختصرة في خطاب سماحة المرجع دام ظله؟
المعية الإلهية ... الثمرات والمراتب؟
بسمه تعالى:
عنوان الخطبة الفاطمية لسماحة اية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي دام ظله لسنة ١٤٣٩ .. ٢٠١٨
من خلال هذه الخطبة نحاول ان نخرج بدرس كبير وعظيم في حياتنا
وهي قراءة بمقدار فهمنا القاصر ، وكلكم بفضل الله واعين ومثقفين ، وفيكم من يستطيع ان يستخرج منها افكار كبيرة ودروس غزيرة،
وعلى الرغم من قصر الخطبة الفاطمية الا انها كانت حافلة بالمعاني العالية ومضغوطة الى حد كبير ،
وقد شخص سماحته دام ظله بثاقب بصيرته وهو الخبير بامور المجتمع ،هذه المشكلة الكبيرة والتي اخذت بالتفاقم ،الا وهي مشكلة البعد عن الله تعالى وترك مرافقته وصحبته ومحبته والاعراض عنه بصورة واضحة وللاسف، ومن خلال هذه الكلمة المختصرة سنحاول ان نبين الفكرة من هذه الخطبة الا وهي : المعية الالهية

اولا: انواع المعية
١. المعية العامة
وهي المقصودة في قوله تعالى (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) ، وقوله (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا) ، أي أن الله شهيد علينا محيط بنا بعلمه ومهيمن علينا ، ومطلع على كل تصرفاتنا ، وهذه معية فطرية مجبول عليها الإنسان اي ليس له دخل فيها.
قال سماحة المرجع دام ظله ، قال تعالى :
(الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)، فهي معيّة الايجاد والهداية ومعيّة الاطعام والسقي ومعيّة الشفاء من المرض ومعيّة البعث والنشور، وبذلك يتحول عجز الانسان وضعفه إلى قوة واقتدار ويتبدل خوفه وقلقه بفضل الله تعالى إلى أمن وطمأنينة قال تعالى (فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) .

٢. المعية الخاصة
وهي معية النصرة والتأييد، معية الرعاية والرأفة والرحمة الخاصة والقرب من العباد الطائعين ودفع الضرر عنهم،قال تعالى: (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)،
وقال تعالى: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)، وقال تعالى : (ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)،وتقوى الله واستشعار أو إستصحاب معيته سبحانه هي في الأساس عمل قلبي روحاني ينبع من الوجدان، ولكنه كأي جانب وجداني يلزمه في بدايته جانب معرفي.

ثانيا : كيف نستجلب معية الله الخاصة :

إن مرحلة استجلاب معية الله هي الحلقة الأضعف في حياتنا ، فكثيرا ما تنسينا القدرات والمال والوظيفة والعمل والاهل والدراسة وغيرها مرحلة استجلاب معية الله تبارك وتعالى ،
كثيرا ما نعتمد على مواهبنا وننسى الواهب ،وكثيرا ما نعتمد على قدراتنا وننسى القادر ، وكثيرا ما نعتمد على قوتنا وننسى القوي ،وكثيرا مانعتمد على مالنا وتجارتنا وننسى الرازق وهنا نخسر الكثير بل نخسر كل شيء .

وإذا كانت مرحلة استجلاب معية الله هي الحلقة الأضعف في حياتنا كما قلنا، فيجب على علماء الأمة وطلبة الحوزة بالذات والمثقفين الواعين وأهل الخير فيها أن يسعوا جميعا - كل في مجاله - إلى معالجة هذا الداء وتضميده وترميمه عند ابناء المجتمع ، وليبذل كل غيور من أبناء هذه الأمة الجهد إلى أن تبصر الأمة كيفية إتقان فن استجلاب معية الله حتى لا نندم على أمر عظيم كندم المسلمين يوم احد ويوم حنين ويوم ظلموا الزهراء عليها السلام واستحقوا الغضب الالهي ويوم صفين ويوم مقتل الحسين عليه السلام والى الان من غيبة الامام الحجة عليه السلام.

الأسباب الربانية للفوز بالمعية الخاصة ، يذكرها تبارك وتعالى في القرآن الكريم،قال تعالى : (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمْ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً) ، فقد وعدهم سبحانه معيته ونصره وتأييده،
(وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ) ، ولكن علقها سبحانه على شرط (لَئِنْ) ، اي إن تحقق الشرط تحققت لهم معية النصر والتأييد ، وإن نكثوا العهد والميثاق ، فلا نصر ولا تأييد.

وقد لخص المولى بنود العهد والميثاق والشروط في خمس، (أَقَمْتُمْ الصَّلاةَ)، (وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ)، (وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي) (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ)، (وَأَقْرَضْتُمْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً) .

فالمؤمنون عزهم وفخارهم في معية الله لهم، فمن كان الله معه فهل يضره العالم بأسره ولو اجتمعوا عليه، قال صلى الله عليه واله : (وان اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك).

ما أحوجنا في ظل هذا العالم المتلاطم الأمواج

أن نسير في طريق ائمة الهدى عليهم السلام(فمعكم معكم لامع غيركم)، ويكون شعارنا (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ)، نفر منه إليه - وكأن سماحة المرجع يذكرنا بما قاله في موسم الحج حينما قال ان الحجاج حينما ياتون للحج ،فكأن الله تعالى يطردهم من بيته ويقول لهم اخرجوا واطلبوا التوبة ثم عودوا الى بيتي لكي اقبلكم فيذهبون الى عرفات ويقضون نهارهم هناك في التوسل والخضوع والتوجه الحقيقي لله تعالى وهم يبكون، فان وجد منهم صدق التوجه اذن لهم بالعودة اليه ليقبلهم - ففي هذه الخطبة يذكرنا سماحته ببعدنا عن الله تعالى وانه غير راض عنا لاننا نسيناه وابتعدنا عنه تبارك وتعالى...، فيجب علينا ان :
نفر من الدنيا إلى الآخرة ، نفر من الشهوات إلى الطاعات ، نفر من الفتن والنقم إلى الاعتصام به منها ، نقدم له القليل فينعم علينا بالكثير ، نطمع في معيته ، فينعم علينا بنصره وتأييده ورعايته وحفظه لنا .
الله ينادينا ليل نهار هلموا إلي ، وتقربوا إلي بالطاعات أتقرب إليكم بالإحسان ،(من كان مع الله كان الله معه) ويهيأ له سبل الخير والهدى والتوفيق والصلاح.

إن أردت معية الله فالأمر من بدايته في يديك أنت، تقرب إلى الله بما يحبه ..كالطهارة طول اليوم، والإيمان المستقر، والتقوى، والاخلاص، والإحسان للناس وخصوصا للوالدين، والصبر، والذكر ،وقراءة القرآن،واداء النوافل وخاصة صلاة الليل ،وزيارة المراقد المشرفه، وكثرة الدعاء والطلب من الله والالحاح عليه … الخ ، ستجد الله جواداً كريماً ، قال صلى الله عليه واله : (قال الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا دعاني) ، الدعاء سبب مهم من أسباب المعية.
تعلق برب الأرباب يكيفك خلقه أجمعين ، وابحث عن الله تجده ، واسأله يجبك ، وادعوه يعطك (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) .

فلنحرص على الكون مع الله ، بالعمل الصالح ، باللجوء إليه ، بالتقرب إليه ، بملازمة أهل التقوى والصلاح ، فبمقدار ما نُطِع الله تعالى سيكون سبحانه معنا (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَِ) .

واخيرا...
متى يكون الله معنا ؟
الجواب : إذا أطعناه تعالى واطعنا اوليائه الطاهرين عليهم السلام، وتركنا معصيته، وأقبلنا عليه، وناجيناه، واستغثنا به، وتوكلنا عليه وقدمنا التوبة النصوح له عزوجل...
اذا اردنا الله حقيقة فانه يكون معنا ويكون لنا كما نظن وفوق مانظن.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.
واسالكم الدعاء ...٧.جماد٢...١٤٣٩...حسن العلي.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار