المقالات والبحوث

الهدفية وثقافة الفن

الهدفية وثقافة الفن
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

♦️ الهدفية وثقافة الفن  

 

   الفن وسيلة إيصالية, تهدف إيصال المعاني البناءة التي تخدم الإنسان, وتسهم في نشر الخير والفضيلة وسط الناس , ومتى خرجت عن هذا الهدف فهي ثقافة عبثية هدامة, تزرع الألتفات الى مغارس السوء في النفس والمجتمع, مما يسهم في تفكيك أواصره الروحية , والأخلاقية , والعادات الكريمة فيه . 

 

  ومن هنا كان التمثيل القصصي مقصداً قرآنيا لبيان الأهداف البناءة للحياة الإجتماعية , وإلفات النظر إلى عمقها الروحي, والذاتي في النفس , كما في قوله تعالى:" لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" (يوسف:111).  

فالفن بتعدد صوره زماناً , وطرقه ثقافة, إما هادف, وإما عبثي , ولا ينصبغ بالأول , ويتنزه عن الثاني إلا حيث تحفظ فيه الخصوصيات الأخلاقية للمجتمعات, دينيةً كانت أو قيميةً , وإلا فهي من إشاعة الفاحشة :" إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (النور:19). 

ولا يبرره أنه فن، وكاتبه وممثله يرسم ثقافة خاصة قد يستحسنها بعض أطياف المجتمع؛ فان الخصوصيات العامة وبالخصوص مع كونها تمثل أخلاق المجتمع مقدمة على كل إعتبار, وفي الحديث عن الحبيب(صلى الله عليه وآله وسلم): «من أذاع فاحشة كان كمبتدئها »  (الكافي:ج2ص497). 

فالفن الهادف هو الذي يؤدي رسالته التي تحافظ على الثقافة العامة من دون خدش لكرامة الأفراد , والمجتمع . 

 وكلما كانت إحائيته بعيدة عن المعاني السلبية كلما كان آثره الإيجابي أكبر وأكثر وقعاً في النفوس , والعكس بالعكس , وهذا مميز القصص القرآني, عن الكثير من صور الفن المعاصر , حيث يتكأ القصص القرآني على الكناية وأسلوب التشويق النفسي, فلا يولد عند المتعايش معه صور السلبية كما في قوله تعالى :" وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " (العنكبوت:28-29). فاستعمله في معالجة نكسة مجتمعية بصورة أدبية لا تخدش الحياء العام . 

أما التصوير الإيحائي الفاحش فلا يمكن إعتباره بناءاً بحال؛ مع توليده لأفكار الهدم الإجتماعي ، 

 وبعيداً عن محاكمة النوايا, فأن الفن أذا لم يكن هادفا فهو مقابل لإرادته تعالى :" وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا" (النساء:27). وثقافة التبرير لا تغير من واقع الحال شيئا :" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ "(البقرة:11) . وهو ما يوجب عدم التعاطي معهم بحال لأنه سبيل لإشاعة عوامل الهدم الإجتماعي , وهي مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون دينية , قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "(النور:21).

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار