المقالات والبحوث

صلاة الليل في القران الكريم

صلاة الليل في القران الكريم
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

 

آية الله الشيخ وحيد الخرساني

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { بسم الله الرحمن الرحيم * يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا } (المزّمل / ١-٥)، هل تلقيتم الرسالةَ؟

 

ها هنا المفتاحُ، لنقرّر جميعاً ونعقد العزم - من هذه الليلك - ( على إلتزام نافلة الليل ) ونعمل ب "قُم الليلَ"،

وبعدَ ذلك "وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا"، إن كلّ هذا التأكيد على صلاة الليل يعني شيئاً ويحملُ رسالةً، وينطوي على سرّ، إن الطريق إلى الله تؤخذُ منه (من الله)، ومن المعلّمين الذي عيّنهم سبحانه.

 

إن في آخر السورة خطابٌ للجميع، (أمّا بدايتها) فإن للنبي الخاتم وضعه (تكليفه) الخاص، (ولكن في آخر السورة) يأتي دورُ الوضع والحالة العموميـّة، وليتأمّل هنا العلماء من ذوي النظَر والرأي، إن الآيةَ الأخيرةَ في هذه السورة هي {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ} (المزّمل / ٢٠)، في حين كانَ الخطاب هناك (في بداية السورة) مُختصّاً بالنبي ( كتوجّهاً للنبي وحدَه )، تجده هنا يتوجّهُ إلى جَكْع ( منضمين معه )، لقد انضكّ هنا الكُلّ، وهذا هو الإعجاز... إنّه القرآن، كتابُ العلم والحكمة.

 

ويا للأسف إنّه لم يُفَسّر! ولو أنّهم أفسَحُوا المجالَ أمامَ مُفسّره ( المخوّل بتفسيره، أي الإمام المعصوم ) لكشفَ غوامضهُ ووضّحهُ (لنا) ... {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ}، أيها السادة إنّ تتمّة هذه الآية تقول {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ}... ومن هذا المقطع، (أدعوكم) إلى المزيد من الإنتباه!

 

إن الآيةَ تمضي حتى قوله تعالى: {فاقرءوا ما تَيَسّر من القرآن}, لقد كانت صلاة الليل هي المفتاح، وعليك أن تفتحَ بها القفل، ثمّ تقرأ ما تيسّرَ من القرآن، هل ترونَ نظيراً لهذا في القرآن كلّه؟ إنّه كلامُ الله و"إذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا" (١)، (تمضي الآي حتى) يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ ۙ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، ثم يعود ليقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}، لقد تكررت "فاقرؤوا ما تيسر" مرّتان في آية واحدة، وهذا يعني الكثير لذوي الألباب...

 

إذا طَوَى الإنسانُ هذا الطريق، فإنّهُ يصلُ شيئاً فشيئاً إلى حيثُ يتمكّنُ من فَهم ما تعنيه: {ق والقرآن المجيد}، وماذا تعني {ص والقرآن ذي الذكر}، و {يس * والقرآن الحكيم}، ماذا تعني هذه الكلمات " الحكيم، والمجيد، وذي الذكر"؟ (التي جاءت) بعد هذه الأحرف الثلاثة من حروف الإسم الربوبي الأعظم، (نتساءل) ما هو الرابط بين هذه ال "ق" التي جاءت في أوّل سورة قاف، مع الحرف الأول من كلمة "قرآن"...؟! ورويداً رويداً، يمكن للإنسان إذا ما مَضَى في هذا الطريق أن يبلُغَ حدّ {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيتَهُ خاشعاً متصدّعاً من خشية الله} (الحشر / ٢١)، والمهمّ هوَ ما وراءَ ذلك (حين يُزاحُ ستارٌ آخر، يفوقها ويعلوها جميعاً) هو: {ولو أنّ قرآناـ سُيّرت...}...

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

 

(١) عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: " يا سليمان إن الله يقول {وإن إلى ربّك المنتهى}، فإذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا" نقله المجلسي في "البحار" ( ج ٣ ص ٢٦٤ عن المحاسن ).

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار