المقالات والبحوث

موسى بن جعفر (ع) ظلامات وعطاء

موسى بن جعفر (ع) ظلامات وعطاء
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

الشيخ عباس الناصري

 

السلام على الإمام المظلوم، و المعصوم المضطهد، المعذب في قعر السجون، و المستشهد في ظلم المطامير.

 

تمر علينا غدا ذكرى شهادة مولانا باب الحوائج موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، ولذا لابد وأن نتحدث عن هذه الشخصية الربانية، ولو بشيء من الإيجاز، حول عطائها الكبير، أمام كل الظلامات التي عاشها، ومات على إثرها شهيدا صابرا (سلام الله تعالى عليه).

 

لقد اقترنت إمامة الإمام الكاظم (ع) مع اقتدار وبطش الدولة العباسية، فكان الإمام يعمل بالتقية تجاههم، ويوصي أصحابه بالالتزام بها، ومن هذا المنطلق لم يُذكر للإمام موقف معارض للدولة علانية، ولا موقف مساند للثورات العلويّة آنذاك كثورة فخّ، إلّا أنّه كان يسعى من خلال مناظراته مع العباسيين وغيرهم إزالة الشرعيّة عن حكومتهم، كدور أساسيٍّ في حركته القيادية المباركة.

 

ومن جهة أخرى وعلى الرغم من المضايقة والمراقبة المشددة تجاهه (عليه السلام)، فإنه لم يتوقف (عليه السلام) عن دوره الريادي، للأمة عموما ولشيعته الموالين له بالخصوص، بعطاءات أبوية متنوعة، حيث أنه (عليه السلام)، ونتيجة لعلمه القطعي بعدم امكان التواصل المباشر مع الامة الإسلامية، ومع اتباعه المؤمنين بامامته، نتيجة للحصار العباسي الظالم، عمد (سلام الله تعالى عليه) إلى الإتصال غير المباشر مع اتباعه ومواليه، من خلال نشر الوكلاء وتوسيع دائرة عملهم، فعيّن أشخاصاً في مختلف المناطق كَوُكَلاء عنه، وذلك من أجل تسهيل تواصل الشيعة بإمامهم، وذلك لتحقيق عدة أمور، لعل أبرزها:

 

أولا- توجيه الأمة الإسلامية عموما وشيعته بالخصوص، فكريا وعقائديا وفقهيا وأخلاقيا.

 

ثانيا- نقل آلام وآمال الأمة والشيعة، من قبل الوكلاء إليه (عليه السلام)، ليخطط على طبق ما ينقل إليه بما يراه مناسبا، مما يرفع جزءا من معاناتهم، ويحقق لهم المقدار الممكن من طموحاتهم.

 

ثالثا- نقل الحقوق الشرعية إلى الإمام (عليه السلام)، ليستطيع من خلالها، قضاء حوائج شيعته ومواليه المعوزين، خصوصا وأنهم مضطهدون جيلا بعد جيل، مما يؤدي بهم بالنتيجة، إلى أن يكونوا من الطبقة المعدمة.

 

لقد أشادت مصادر الشيعة وأهل السنة بعلمه وعبادته وبجوده وحلمه، ولُقّب بعدة ألقاب، كالكاظم لشدة كظمه الغيض، كما عُرف بالعبد الصالح، واشتهر بباب الحوائج أيضاً.

 

عرف (عليه السلام) بالحکمة ووفور العلم، وأنه أعبد أهل زمانه واتقاهم، و تجلىٰ فيه الکرم بأسمى معانيه، و ذاع حلمه و شدّة کظمه للغيظ، و لدوره التوجيهي والتربوي اهتدى على يديه الکثيرون من معاصريه.

 

و لهذا كله ولغيره، لم يكن للظالمين أن يترکوه (ع) وهم يرون فيه، الندّ و المنافس لوجودهم و زعامتهم، فتعرض للاضطهاد وانواع الظلامات، والسجن من قبل العباسيين وأذنابهم، ممن غرتهم الدنيا، طوال سنين عجاف من عمره الشريف، وهو يعيش في قعر السجون وظلم المطامير، فکان ينقل من سجن لآخر، حتى استشهد (ع) في سجن السندي بن شاهک، في بغداد في الخامس و العشرين من رجب سنة 183 هجرية، و دفن في مقابر قريش في بغداد.

 

فالسلام عليه يوم ولد، ويوم جاهد في سبيل ربه صابرا محتسبا، ويوم استشهد مضحيا بروحه الطاهرة، ويوم يبعث حيا.

 

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وانا لله وانا اليه راجعون.

 

عباس الناصري

ليلة الخامس والعشرين من رجب الأصب

من عام ١٤٤١ للهجرة

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار