بقلم الشيخ عباس الناصري 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى كما هو أهله، وصلى على نبيه وآله الطاهرين

** إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل

* الإضاءة السادسة: عقيدتنا في السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام)

# قال تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا))(1).

# نعتقد أن للزهراء (عليها السلام) مقامات خاصة أو باطنية والمعبّر عنها ب(السر المستودع فيها). كما أن لها مقامات عامة أو ظاهرية، صرّح بها القرآنُ الكريم، وأحاديثُ النبي وروايات الائمة (عليهم السلام). وسنتحدث هنا بطبيعة الحال عن القسم الثاني فقط.

# لقد اشتركت السيدة الزهراء، مع أبيها وبعلها وولديها الحسنين (عليهم السلام) في عدة مقامات معنوية، نذكر منها هنا مقام التطهير الوارد في قوله تعالى: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)). فهي (عليها السلام) وكما دلت الأحاديث المتواترة عن الفريقين(2)، ممن أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فكانت بذلك معصومة عن الزلل والخطأ بتوفيق الله تعالى.

#  عن أمّ سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي وفي يومي، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندي، فدعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، وجاء جبرئيل فمدّ عليهم كساءً فدكياً، ثمّ قال: "اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً"، قال جبرئيل: وأنا منكم يا محمد؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): "وأنت منّا يا جبرئيل"، قالت أمّ سلمة: فقلت: يا رسول الله وأنا من أهل بيتك؟ وجئت لأدخل معهم، فقال: "كوني مكانك يا أمّ سلمة إنّك على خير، أنت من أزواج نبيّ الله"، فقال جبرئيل: اقرأ يا محمد: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) في النبيّ وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام).(3).

# أيها الأحبة: إن الزهراء(عليها السلام) اُمُّ أئمة الهدى(عليهم السلام) الذين اختصهم الله تعالى، بأعلى الهبات والمقامات المعنوية، 

فلابدّ وأن تكون هذه الأم من سنخ مقاماتهم ومراتبهم؛ لتشكّل العنصر الكفوء لأُمومتهم، والحِجر المقدّس المناسب لتربيتهم. 

وعلى هذا الأساس نفهم تتمة الحديث المعتبر، المروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( فقال: إنّ اللَّه قد أعطى فاطمة عليهاالسلام في الدّنيا ذلك: أنا أبوها و ما أحد من العالمين مثلي، و عليّ بعلها، و لولا عليّ ما كان لفاطمة كفو أبداً...الخ (4)، حيث السنخية والملائمة بين مقاميهما (عليهما السلام).

# وأخيرا أقول: إن مقتضى التكافؤ والسنخية بين مقاماتهم (عليهم السلام) لأدلُّ دليل على أنها (عليها السلام)كانت: محلّا لألطاف الله تعالى وهباته، وسرّا من أسراره المقدسة.

والحمد لله رب العالمين صلى الله على محمد وآله الطاهرين. 

عباس الناصري

الليلة السادسة من ليالي شهر رمضان المبارك من عام ١٤٤١هج

..................................

1- الأحزاب:33

2- مستدرك الصحيحين ج 3ص 147/ السيوطي: في الدر المنثور، في ذيل تفسير آية التطهير/ مسند الإمام أحمد بن حنبل ج6 ص296

3- أمالي الشيخ: 235، والبحار 35: 208

4- البحار: 43/ 56- 58 ح 50، عن بشارة المصطفى