بقلم الشيخ عباس الناصري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى كما هو أهله، وصلى على نبيه وآله الطاهرين

** إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل

* الإضاءة السابعة: الإيمانُ ينتصر 

# قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ))(1). 

# يتصور البعض ان الإلحاد حالة (2) حديثة في تاريخ الانسان، وهو تصور خاطى جدا؛ ذلك لأن الإلحاد موجود في كل الأزمنة والعصور، يصارع الإيمان مادام موجودا. 

نعم ذاع صيته مؤخرا، بسبب الثورة المعلوماتية الساعية إلى عولمة الشبهات، ومحاولة تقليص الدين عن قيادة الحياة.

# إن مناشئ الإلحاد وأسبابه متنوعة، بين النفسية والتربوية والاجتماعية والفلسفية. وأسهلها - من وجهة نظري - الأخير؛ لأن الردود العلمية على فلسفة الملحدين متوفرة وواضحة جدا، إضافة إلى أن الملحد الفيلسوف إنسان متعلم، يبحث عن الدليل، فاذا وصل إليه اعتمده، ولم يتكبر عليه، وهذا ما يفسر رجوع الكثير من أشهر الملاحدة عن الإلحاد إلى الإيمان(3).

# أما من يعتنق الإلحاد بسبب مرض نفسيّ، أو خلل تربويّ، أومشكلة اجتماعية ضاغطة، فهم وإن كانوا بحاجة إلى عناية نفسية وتربوية واجتماعية أكثر، إلا أن فطرتهم التي فطرهم الله عليها - إن كانت سليمة - كفيلة برجوعهم إلى رحاب الإيمان وطمأنينته، عندما تخفُّ عنهم الأثقال المرهقة لأذهانهم، والمؤثرة على تفكيرهم السويّ.

# حينها سيُلبُّوا نداء الفطرة، لأنه نداء الإيمان، وسيكونون ممن قال تعالى حكاية عنهم: ((رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ))(4).

# ولا يتصورنّ أحد أني أريد تسطيح هذه الحالة الطارئة، كيف وأنا مطلع على محاولة مأسسة الإلحاد في روابط، وشبكات تواصل على الانترنت. وإنما غاية ما أقصده هو بيان متانة المنظومة الإيمانية، وأنها مدعومة بفطرة الإنسان، وهذان الأمران كفيلان بزوال زَبَد الإلحاد بإذن الله تعالى.

# وأخيرا أقول: إن ثمة مسؤولية شرعية وأخلاقية كبيرة، ملقاة على عاتق:

أولا- المؤسسة الدينية بذراعها الفكري، فهي مسؤولة عن تصدير الإسلام القائم على الأدلة المحكمة، كما أنها مسؤولة عن صدّ الشبهات حماية لأبنائنا المؤمنين.

ثانيا- المؤمنين أنفسهم، فإن عليهم التزام الإسلام المعتدل في أفكارهم، وأن يكونوا قدوة للجميع في سلوكهم الفردي والاجتماعي، فإنكم إن تنصروا الله ينصركم.

والحمد لله رب العالمين صلى الله على محمد وآله الطاهرين. 

عباس الناصري

الليلة السابعة من ليالي شهر رمضان المبارك من عام ١٤٤١هج

..................................

1- سورة محمد:7

2- وإنما نعبر عنها بالحالة؛ لأنها لم ترق إلى أن تكون ظاهرة عامة، والإحصائيات العالمية بين يديك.

3- لاحظ المفكر الإنجليزي أنطوني فلو، والذي يعد أكبر ملحد في النصف الثاني من القرن العشرين، ففي التاسع من ديسمبر عام 2004 فوجئ العالم بخبر إيمانه بوجود الإله بدافع من الشواهد العلمية. وكذا جيفري لانج وهو أستاذ الرياضيات في جامعة أمريكية. وكذا مصطفى محمود، والذي يعد صاحب أشهر رحلة إيمانية في العالم العربي. وغيرهم كثير جدا.

4- آل عمران: 193