المقالات والبحوث

إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل الحلقة الرابعة عشر

إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل الحلقة الرابعة عشر
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

 بقلم الشيخ عباس الناصري 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى كما هو أهله، وصلى على نبيه وآله الطاهرين

** إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل

* الإضاءة الرابعة عشر: حقيقة الأخلاق في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)

 

# قال تعالى: ((وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) (1).

 

# وورد عن نبيِّنا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ما دلَّ وبوضوح، على أن الغاية الأساسية من البعثة، إنما هي إتمام مكارم الأخلاق عند الإنسان: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) (2).

 

# وقد وردت عنه وعن أهل بيته (صلوات الله عليه وعليهم) نصوص كثيرة، تبيّن طبيعة الأخلاق المرجوَّة من الإنسان المؤمن. ولكن البيان الأبرز جاء من خلال سلوكهم العملي: (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)(3).

 

# وجاء في جواب الأمير لولده الحسين (عليهما السلام) لما سأله عن سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) في جلسائه؟

فقال: كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عياب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء والإكثار وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث، كان لا يذم أحداً ولا يعيره، ولا يطلب عثراته ولا عورته، ولا يتكلم إلا في ما رجا ثوابه...الخ (4).

 

# أيّها الأحبة، إن الأخلاق في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) منظومة كاملة، لا تقبل التجزّء أو التبعيض، فليس من حق صاحب الخُلُق في فلسفتهم الأخلاقية، أن يتخلّى عن أيّ خُلُقٍ مهما كانت المبررات.

 

# وهذه المنظومة في مدرستهم التربوية، يجب أن تغطي كل المساحات، التي يتحرك الإنسان في نطاقها، فللعبادت أخلاقها وللمعاملات أخلاقها، وللعشرة مع الآخرين أخلاقها، بل لعلاقة الإنسان بذاته أخلاقها المناسبة.

 

# إن الأخلاق من وجهة نظر أهل البيت (عليهم السلام) فضائل، تنبع من وجدان الإنسان، بمقدار تكامله في ذاته. ولذا فغالباً ما تكون من قبيل الملكات، التي يصعب زوالها، عن ذات صاحبها.

 

# ولهذا كلِّه، علينا تجديد العهد دائما وأبدا معهم، ومع إمام زماننا عج بالخصوص، على أن نتحلى بالفضائل الخلقية التي أرشدونا إليها؛ إذ لولاهم لما تعرّفنا على جوهرها النفيس، وأن نعيش لله تعالى، وفي سبيل رضاه، والقبول في محضر لطفه، إنه أرحم الراحمين. 

 

والحمد لله رب العالمين صلى الله على محمد وآله الطاهرين. 

 

عباس الناصري

الليلة الرابعة عشر من ليالي شهر رمضان المبارك من عام ١٤٤١هج

..................................

1- القلم: 4.

2- مجمع البيان ج1: ص333.

3- الأحزاب:21.

4- معاني الأخبار: 83.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار