المقالات والبحوث

إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل الحلقة التاسعة عشر

إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل الحلقة التاسعة عشر
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

 بقلم الشيخ عباس الناصري 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى كما هو أهله، وصلى على نبيه وآله الطاهرين

** إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل

* الإضاءة التاسعة عشر: ضربةُ عليٍّ وجَرحُ الإمامة

# قال تعالى: ((وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)) (1). 

 

# تحدثنا ليلة أمس عن الإمامة، ودورها النابض في حياة الأمة، وعن أنها خلافة حقيقة للنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله). كما ذكرنا بعضَ ملامح الدور الرياديّ، الذي قام به الأئمة (عليهم السلام) في حياة الأمة، ومقدار بذلهم وجدّهم واجتهادهم، في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين.

 

# وقد جرت سنةُ الله تعالى في خلقه، أن يوجَد إلى جَنب الصالحين من خلقه، أعداءٌ يتربصون الدوائر بهم، وبالحق الذي يحملونه في ضميرهم ووجدانهم.

 

وتطبيقا لهذه السنة الإلهية سعى أعداءُ الله تعالى من الكافرين والمنافقين، وبدعمٍ واضح من جُهّال الأمة وسذّجها، إلى محاربة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكانت الجمل وصفين ونهروان. وقد انتهت جميعُها بانتصار عليٍّ وجيشه المؤمن به وبارتباطه بالسماء.

 

# وحين عجزوا عن مقارعة عليٍّ، وجها لوجه في ميدان الحرب، لجأوا هذه المرة الى سبيل الحيلة والغدر. وفعلا جنّدوا ابنَ ملجم المراديّ، ليكون أداةً رخيصة، لإجرامهم بحق الله ورسوله ووليّه عليِّ بن أبي طالب، أداةً غادرة لتنال من ممثّل الإمامة والخلافة النبويّة الوحيد، على وجه الأرض آنذاك.

 

# ذلك الإمام الهمام، الذي لما أحسَّ بألم الضربة على هامته، تلقّاها بصبر وجلادة واحتساب، ولمّا وقع على وجهه، وقع وهو يقول: (بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله). فلهج باسم مولاه وربّه المطلق، وهو يُشهِده على أنه مازال على ملّة رسوله الكريم ومنهجه القويم. 

 

# أيّها الأحبة، لم يكن عليٌّ الخاسر في هذه الليلة، وإنما خسرت الأمة، خسرت أملَها الوحيد، الذي كانت تُمنّي ذاتها، بأن يُعيد الروح لإسلامها، ولتجربته المتألقة على يدَيّ رسول الله (صلى الله عليه وآله).

 

# لم يخسر عليٌّ الليلة، بل فاز، كيف لا وهو المردد دائما: (ما ينتظر أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم). ولما ضربه ابن ملجم قال: (فزت ورب الكعبة) (2).

 

# خسرت الأمة وفاز عليٌّ، وهو يقول لولده لما رآهم يبكون: (إنّ الملائكة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض، والنبيين يقولون لي: انطلق يا علي، فما أمامك خير لك ممّا أنت فيه) (3).

 

# أيُّها الأحبة، لقد مثّلت الضربةُ التي أصابت عليّا في هذه الليلة، جَرحا عميقا للإمامة، بما تحمله من طهارةٍ روحية، ومنهجٍ قويم، ومكانة في قلوب المؤمنين.

والمعزّى في هذه الليلة هو حفيده المهدي عج، الرجل الغائب الحاضر، الذي استلم الإمامة بما تحمله من ذكريات مؤلمة، وبما تركته وراءها من آهات ومظالم، وحَسَرات وأوجاع.

 

ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم. 

 

والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين. 

 

عباس الناصري

الليلة التاسعة عشر من ليالي شهر رمضان المبارك من عام ١٤٤١هج

..................................

1- الأنعام: 112.

2- بحار الأنوار ج41: ص2.

3- الخرائج والجرائح ج1: ص178.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار