المقالات والبحوث

إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل الحلقة الرابعة والعشرون

إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل الحلقة الرابعة والعشرون
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

بقلم الشيخ عباس الناصري 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى كما هو أهله، وصلى على نبيه وآله الطاهرين

** إضاءات معرفية في شهر الله الفضيل

* الإضاءة الرابعة والعشرون: المؤمن بين الخوف والرجاء 

 

# قال تعالى: (( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ))(1).

 

# يعتقد المؤمنون بالله تعالى بوجود ثمة تكاليف إلهية، يجب عليهم الإلتزام بها، والخروج من عهدتها؛ لأنهم يعلمون أن وراء يومهم هذا مساءلةٌ ومجازاة، لكلٍّ من الملتزمين والعاصين.

 

# كما أنهم يسعَون جاهدين، ليحققوا أكبر قدر من الإلتزام بتلك التكاليف، مستعينين بالله تعالى على ذلك، مجاهدين لأنفسهم وأهوائها وميولاتها، التي تميل إلى الدِّعة والنفور عن الإنقياد والطاعة. عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام فى قوله: قد أفلح من زكاها قال: ( قد أفلح من أطاع) وقد خاب من دساها قال: (قد خاب من عصى)(2).

 

# كما أنه يوجد إلى جنب تلك التكاليف، وعدٌ ووعيدٌ، تبشيرٌ وتنذيرٌ، بما يُشكِّل في حقيقته، عاملاً مساعداً في طريق المؤمنين، في خِضَمّ إختباراتهم في دار الدنيا، التي هي دارٌ امتحان وابتلاء.

 

والمطلوب من المؤمن، بحسب الآيات والروايات، هو أن يكون ككفتي الميزان، بين رجاء الله تعالى والخوف منه. قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): كَانَ أَبِي يَقُولُ: ( إِنَّه لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَفِي قَلْبِه نُورَانِ نُورُ خِيفَةٍ ونُورُ رَجَاءٍ لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا ولَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا)(3).

 

# ثم إن لكلٍّ من الرجاء والخوف، المطلوبين شرعاً علامةً تدلُّ عليه، وقد جمع إمامنا الصادق (عليه السلام) بين العلامتين، عندما قال لعبد الله بن جندب: ( يَا ابْنَ جُنْدَبٍ يَهْلِكُ الْمُتَّكِلُ عَلَى عَمَلِهِ وَلَا يَنْجُو الْمُجْتَرِئُ عَلَى الذُّنُوبِ الْوَاثِقُ بِرَحْمَةِ الله، قُلْتُ: فَمَنْ يَنْجُو، قَالَ: الَّذِينَ هُمْ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ كَأَنَّ قُلُوبَهُمْ فِي مِخْلَبِ طَائِرٍ شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ وَخَوْفاً مِنَ الْعَذَابِ‌)(4).

 

# نعم يجب أن يوجد إلى جنب الرجاء عملٌ صالح. قال تعالى في وصف الراجين: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ))(5).

كما يجب أن يوجد إلى جنب الخوف عملٌ صالح. قال تعالى: ((وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) (6).

 

# أيُّها الأحبة، يجب أن يعيش الفرد المؤمن، حالتي الخوف والرجاء، في حياته كلّها، وأن لا يُغلِّبَ أحدَهما على الآخر، لأي سببٍ كان، فإن هذا التغليب واحدٌ، من أكبر مداخل الشيطان وتسويلاته.

 

أعاذنا الله وإيّاكم، من شرور الشيطان، وأعاننا على أنفسنا، بما يعين به الصالحين على أنفسهم، إنه سميع مجيب. 

 

والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين. 

 

عباس الناصري

الليلة الرابعة والعشرون من ليالي شهر رمضان المبارك من عام ١٤٤١هج

..................................

1- الذاريات: 50. 

2- تفسير نور الثقلين ج 5 ص 586.

3- الكافي ج2: ص67، ح1

4- مستدرك الوسائل ج 11: ص 226.

5- البقرة: 218.

6- النحل: 50- 49

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار