مَن هو السيّد المرتضى(رض)، المشهور بـ علم الهُدى ؟

هو أبو القاسم عليّ بن الحسين بن موسى بن محمّد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) ذو المجدين المعروف والمشهور بعلم الهدى (رضي الله عنه) .
آلت إليه المرجعيّة والزعامة المطلقة بعد رحيل استاذه المفيد أي من عام 413 ه وحتّى عام 436 هـ وهي سنة وفاته فاق السيّد الشريف المرتضى علماءَ عصره في العلوم الإسلاميّة ويكفيه العناية الخاصّة الّتي كان الشيّخ المفيد يولّيه إيّاها وتعيينه من قبله مرجعا من بعده وكان الشيّخ المفيد يجلس بين يديه أحياناً جلوس التّلميذ بين يدي استاذه تعظيماً لمكانته العلميّة وآعداداً له لتسليم زعامة الشيعة ومرجعيتهم (1) ، وخَلَف السيدّ المرتضى استاذه وهو لّما يزل على قيد الحياة ، فجلس على كرسي التّدريس وتولى زعامة الشيعة وكان الكثير من طلاب العلم يحضرون درسه وينهلون من علمه .
تابع السيّد اسلوب استاذه في تطوير البحوث الفقهيّة والاجتهاديّة ونجح في الارتقاء بنظرياته الفقهيّة والاجتهاديّة وفتح أبواباً جديدة في الأصول تتجلى لكل من يدرس كتابه ((الذريعة الى علم الأصول )) وعدّ له السيّد محسن الأمين تسعين كتاباً (2) كيف لا يكون كذا ، وهوابن بجدتها وقد اجتمع إليه من فنون العلوم وضروب الآداب ما قلّ أن يجتمع لسواه ، وضرب فيها جميعها بسهم وافر ، فكان فقيهاً انتهت إليه رياسة الإمامية في عصره ، بعد أن درس الأصول ومحض الحقائق ، واستخرج المسائل ، ونصب نفسه للفتيا فشُدت إليه الرّحال، ووفدت إليه الناس من كل صَقْع، ووضع لكل كتاباً فهذه المسائل الديلميّة، وتلك المسائل الطوسيّة، وهذه المسائل المصرية والموصليّة، وهكذا، وحَذَق علم الكلام وأصول الجدل، فحاجّ النّظراء والمتكلمين وناظر المخالفين، وكتابه الشّافي حجّة على طول باعه في الجدل وله في تفسير القران وتأويل الكتاب ما كشف به عن بحر لا يسبر غوره، ولا ينال دركه، وقد حفظ من اخبار العرب واشعارهم ولغتهم ما جعله في الرعيل الأول من الرواة والحفاظ والأدباء، وبكل هذا كان إمام عصره غير مدافع .
قال ابن بسام: كان هذا الشّريف إمام ائمة العراق، بين الاختلاف والاتفاق، إليه فزع علماؤها، وعنه اخذ عظماؤها صاحب مدارسها وجَمّاعُ شاردها وآنسها، مما سارت أخباره. وعرفت اشعاره، وحمدت في ذات الله مآثره الى تواليفه في الدين، وتصانيفه في احكام المسلمين، ممن يشهد أنه قرع تلك الأصول، ومن أهل ذلك البيت الجليل (٣). وكان بعد هذا شاعراً وله ديوان شعر، قال ابن شهر آشوب : أنه يُربى على عشرين الف بيت (٤). وطبع ديوانه قبل نحو ستين عاماً بتحقيق رشيد الصفار في مجلدين كبيرين.
ويذكر العلّامة (رحمه الله ) أنّه تُوفي في شهر ربيع الأوّل سنة ثلاثين واربعمائة وكان مولده في رجب سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، ويوم توفي كان عمره ثمانين سنة وثمانية اشهر واياماً نضر الله وجهه، وصلّى عليه ابنه في داره ودفن فيها، وتولى غسله احمد بن العبّاس النّجاشي، ومعه الشّريف أبو يعلى محمّد بن الحسن الجعفري وسلار بن عبد العزيز الديلمي .
وبكتبه استفادت الإمامية منذ زمنه (رحمه الله ) إلى زماننا هذا وهو سنة ثلاث وتسعين وستمائة وهو ركنهم ومعلمهم (قدس سره ) وجزاه عن اجداده خيراً (٥) .
أقول: وما زالت الإماميّة اعزهم الله وغير الإمامية تستفيد من كتبه إلى زماننا هذا وهو سنة سبع وثلاثين واربعمائة وألف .
وأمّا تسميته بذي المجدين لأنّه جمع شرفية النّسب، ومجد العلوم الكثيرة وأمّا شهرته بعلم الهدى، لعلّه كان هدىً وطريقاً يستنار به للعلوم الإسلاميّة الكثيرة ، او لعله كان علماً وحجة على الخصم الّذين يخالفونه في المعتقد أو لعله كانت اقواله يحتج بها على الخصم لقوتها ووضوح بيانها .
………………………………………………..
١) روضات الجنات /٢٧٧/4.
٢) انظر ترجمته في اعيان الشيعة .
٣) وفيات الأعيان ابن خلكان /336/3 .
٤) معالم العلماء ابن شهر اشوب /60. والبيت عند النساخ واهل الخط هو عبارة عن السطر الحاوي خمسين حرفاً ، كما نص عليه غير واحد منهم لاحظ / مفتاح باب الابواب ١٤١ .
٥) خلاصة الاقوال /القسم الأول / ١٧٩ رقم ٥٣٣ .