المقالات والبحوث

التفقه في الدين ... واجب ام مستحب ؟ بقلم الشيخ الدكتور حيدر السعدي

التفقه في الدين ... واجب ام مستحب ؟  بقلم الشيخ الدكتور حيدر السعدي
المصدر: واحة_ وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


التفقه في الدين ... واجب ام مستحب ؟

بقلم الشيخ الدكتور حيدر السعدي 

بسم الله الرحمن الرحيم
بعد ان امنا بالله سبحانه وتعالى , وبان الدين الحق هو دين الاسلام , و لابد لنا ان نتدين به حصرا ؛ لقوله تعالى (ان الدين عند الله الاسلام) , فنحن نعتقد اننا عبيد لله سبحانه وتعالى , وبحكم ذلك فاننا مسؤولون عن امتثال احكام الله سبحانه وتعالى , وملزمزمون بالتوفيق بين سلوكنا في مختلف مجالات الحياة وبين الشريعة الاسلامية المقدسة , فيجب عن تكون كل حركاتنا وسكناتنا على طبق ما يفرضه ويحكم به الدين الحنيف لا بحسب اهوائنا وشهواتنا .
وعليه فيجب ان تكون كل مواقفنا العملية تابعة لما تفرضه علينا شريعتنا الاسلامية . ولاجل هذا ينبغي على كل مسلم ان يتعرف على احكام الله سبحانه وتعالى ؛ لكي تكون اعماله متوافقة مع تلك الاحكام . ولذا ورد مثلا (ان التاجر فاجر حتى يتفقه في الدين) ؛ لان هذا التاجر ما لم يتفقه في احكام البيع والشراء فانه لا محالة سيقع في المعاملات المحرمة كالربا وما شابه ذلك وكذلك من لم يتفقه في احكام الصلاة والوضوء والصيام فانه سيكون عرضة لمخالفة دين الله بسبب جهله بالاحكام الشرعية .
ولا يعتذرن شخص بأني لا اعرف الحكم الشرعي , ولست مطلعا عليه . فان هذا العذر غير مقبول منا , ولا هو بمبرر للوقوع في المخالفات الشرعية فقد ورد في الاحاديث الشريفة بانه يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له : لمَ لمْ تعمل ؟ فيقول : لا اعلم , فيقال له : هلا تعلمت , فتنقطع حجته .
ومما تقدم يتضح لنا ان معرفة الاحكام الشرعية واجب , وليس ترفا او فضلا . ورسائل علمائنا العملية رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين تؤكد ذلك وعلى سبيل المثال فقد ذكر سماحة اية اههم الشيخ محمد اليعقوبي (اطال الله بقاءه) في رسالته العملية (سبل السلام) في المسألة الثانية عشر ما نصه : يجب على الانسان ان يتفقه في الدين بالمقدار الذي يبرء ذمته امام الله تبارك وتعالى فيتعلم احكام الواجبات ليؤديها بالصورة المجزية والمبرئة للذمة ويتعرف على المحرمات ليتجنبها .
وهذه الفتوى كباقي فتاوى علمائنا الاخرين صريحة و واضحة في ان التفقه في الدين بمقدار معين يكون واجبا وفرضا , فلا ينبغي التهاون والتكاسل في ذلك ايها المؤمنون الغيارى على دينكم .
ومما يدفعنا اكثر للمضي في هذا الطريق , الحث الكبير من الائمة سلام الله عليهم لطلب العلم وتدارسه , فقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام انه قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا الى الجنة وان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضا به وانه يستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الارض حتى الحوت في البحر وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر وان العلماء ورثة الانبياء ,ان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم فمن اخذ منه اخذ بحظ وافر .

فلا تقصروا اخواني في تعلم احكام دينكم فان هذا العمل فيه الخير كله والثواب العظيم فانه قد جاء عن الامام الصادق عليه السلام انه قال : (انما يهلك الناس لأنهم لا يسألون )
وقد نقل امامنا الصادق عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال (اف لرجل لا يفرغ نفسه في كل جمعة لأمر دينه فيتعاهده ويسأل عن دينه )
اخواني المؤمنين اننا اليوم نعيش في كثير من مناطقنا جاهلية عمياء بامور ديننا واحكام شريعتنا السمحاء وما ذلك الا للغفلة او التهاون والتقاعس عن طلب العلم في هذه الاحكام او لاننا عندما نريد ان نسال فاننا غالبا نسال غير اهل الاختصاص , أي ان السؤال غالبا ما يوجه الى شخص لا علم له باحكام الدين , وهذا يزيد الطين بلة ويهوي بنا في قعر الجهل اكثر واكثر .
لقد حذرنا ديننا الحنيف من القول بغير علم فقال تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم ) وجاء عن امامنا الصادق عليه السلام انه قال لمفضل بن يزيد : انهاك عن خصلتين فيهما هلاك الرجال انهاك ان تدين الله بالباطل وتفتي الناس بما لا تعلم
وجاء عن الامام الباقر عليه السلام انه قال : من افتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه
وروي عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام قوله : ان الله خص عباده بآيتين من كتابه ان لا يقولوا حتى يعلموا و لا يردوا ما لم يعلموا وقال عز وجل (أ لم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ان لا يقولوا على الله الا الحق ) وقال (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما ياتهم تاويله)
ومن هذا يتبين اننا يجب ان نطلب احكام ديننا من اهل العلم والمعرفة بها وهم طلبة العلوم الدينية الحائزون على تلك العلوم من منبعها الصافي في حلقات دروس الحوزة العلمية الشريفة اعزهم الله واعلى مقامهم .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار