المقالات والبحوث

الطاعة في منظومة فقه أهل البيت (عليهم السلام) بقلم السيد علاء المشايخي

الطاعة في منظومة فقه أهل البيت (عليهم السلام)  بقلم السيد علاء المشايخي
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

الطاعة في منظومة فقه أهل البيت (عليهم السلام)

بقلم السيد علاء المشايخي

قال تعالى في محكم كتابه الكريم:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم
الآية الكريمة تحتوي على كنوز ومضامين عالية جدا ويعدها ارباب التحقيق من علمائنا الاعلام قده اسرار الماضين وحفظ الباقين من اسس المعارف القرانية فلننتبه ونحاول الاستفادة منها في اصلاحنا كأفراد واصلاحنا كمجتمع, والكلام فيها يتضمن عدة مباحث:
المبحث الاول: ان الآية الشريفة تؤكد على مرجعية الافراد والجماعات البشرية وتقرر اصل الحاكمية ولمن تثبت فذكرت ان الحاكمية والطاعة بالأصالة والاستقلال تثبت لله تعالى اولاً وللنبي الاكرم صلى الله عليه واله ثانياً وذلك لتكرار كلمة اطيعوا لهما فتثبت وجوب اطاعة مستقلة لله تعالى ويثبت وجوب اطاعة مستقلة للنبي الاكرم صلى الله عليه واله وهنا يرد تساءل ما المقصود بوجوب طاعة مستقلة للنبي؟
والجواب: انه لا ينبغي أن نرتاب في أنّ الله سبحانه لا يريد بإطاعته إلاّ إطاعته في ما يوحيه إلينا من طريق رسوله من المعارف والشرائع، وأمّا رسوله(صلّى الله عليه وآلة وسلّم) فله حيثيّتان:
إحداهما: حيثية التشريع بما يوحيه إليه ربّه من غير كتاب، وهو ما يبيّنه للناس من تفاصيل ما يشتمل على إجماله الكتاب وما يتعلّق ويرتبط بها، كما قال تعالى: ﴿ وَأَنزَلنَا إلَيكَ الذّكرَ لتبَيّنَ للنَّاس مَا نزّلَ إلَيهم ﴾
والثانية: ما يراه من صواب الرأي، وهو الذي يرتبط بولايته الحكومة والقضاء، قال تعالى: ﴿ لتحكم بَينَ النَّاس بمَا أَرَاكَ اللَّه ﴾ وهذا هو الرأي الذي كان يحكم به على ظواهر قوانين القضاء بين الناس، وهو الذي كان(صلّى الله عليه وآلة وسلّم) يحكم به في عزائم الأمور، وكان الله سبحانه أمره في اتّخاذ الرأي بالمشاورة فقال: ﴿ وَشَاورهم في الأَمر فإذَا عَزَمتَ فتوَكَّل عَلَى اللَّه ﴾ فأشركهم به في المشاورة ووحّده في العزم .
اذن الحاكمية والطاعة ثابتة فقط وفقط لله تعالى ولرسوله ولا حاكمية ولا اطاعة لغيرهم مهما كانت الاطاعة في الامور الجليلة واليسيرة, ومن اطاع غير الله فقد هوى وضل ضلالا مبيناً, ثم عطف الله عز وجل على طاعته وطاعة نبيه طاعة اولي الامر واختلف علماء المذاهب الاسلامية في المقصود منهم فذهب جمهور العامة الى ان المقصود الامراء الذين ينفذون الامر وذهب بعضهم الى ان المقصود هم العلماء الذين يعلمون الامر وذهب اخرون الى ان المقصود كلاهما وهم بذلك اثبتوا وجوب طاعة للحكام بالتبع, وساقوا الاحاديث العديدة لنصرة هذا الراي وهي من مخترعات بنو امية لتثبيت اركان حكمهم فوضعوا اكثر من مئة حديث عن رسول الله صلى اله عليه واله وسلم اطع الحاكم وان ضرب ظهرك واكل مالك وغيرها, وبذلك وقع الفقه السني في اشكالية كبيرة جدال لا محيص لهم عنها تمثلت بالتناقض الواضح في موقفهم من ثورات الربيع العربي الذي دعمها العلماء والعامة من الشعوب العربية مع انها وفق الفقه المرسوم عندهم خروج على الحاكم ويعد من اكبر الكبائر ومصير فاعله القتل لأنه شاق لعصى الجماعة وهم يروون الحديث الشاق لعصا الجماعة حرّقوا عليه داره, وهذا يدل دلالة واضحة على ان تفسيرهم لأولي الامر ليس صحيحاً.
وذهب ائمة اهل البيت الى ان المقصود من اولي الامر الامام المعصوم فقط وهم علي وابنائه الاحد عشر صلوات الله عليهم اجمعين, فاتباع مذهب اهل البيت في راحة من هذه الاشكالية لانهم لا يرون شرعية وحاكمية الا لله ورسوله ومن امر الله ورسوله بطاعتهم وهم الائمة الاثني عشر لا غير.
والنتيجة : ان الحاكمية والطاعة ثابتة لله تعالى ولرسوله بالأصالة والاستقلال وثابته لأولي الامر بالتبع بمعنى ان حق التشريع منحصر بالله تعالى ورسوله فقط, واما اولي الامر فهم مطاعون بأمر الله ولكن ليس لهم حق التشريع وعليهم بيان كلام الله وسنة نبيه بما اراهم الله ورسوله اي طاعتهم تأتي في صورة غياب النبي الاكرم وليس حال حضوره.
يتبع

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار