المقالات والبحوث
تحصيل الجنة ليس متعسراً، الشيخ حيدر اليعقوبي
تحصيل الجنة ليس متعسراً، الشيخ حيدر اليعقوبي
ينبغي الإلتفات الى أن تحصيل الجنة ليس متعسراً ، وليست أسبابه معقدة كما يتصور البعض ..
والجنة ليست حكراً على المتفرغين للعبادة بمعناها الخاص المتعارف ..
بل هي مفتوحة (على اوسع ما يكون) امام كل انسان مهما كانت منـزلته، ومهما كان وضعه وترتيب حياته، ما دام يسلك اليها ويسير نحوها على الصراط المستقيم
خصوصاً اذا التفتنا الى أن للعبادة معنى أوسع وأشمل بحيث يستغرق جميع الطاعات ويستوعب كل الصالحات ، مادامت لله وفي رضاه ..
و لا ننسى أن التعاليم الالهية ترافق الفرد في جميع تفاصيل حياته،حتى الامور الضئيلة كالمصافحة والسلام، بل حتى في حالات التنظيف والغسل ونحوها فان لها مستحبات وآثار كبيرة.
وهنا تجدر الاشارة الى ان الصراط المستقيم وان كان طريقاً واحداً كما هو مقتضى قوله تعالى: ( واّن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه،
ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)الانعام/153.
الا ان وحدة هذا الطريق لا تمنع من تعدد مساراته ما دامت بنفس الاتجاه، تماماً كما في الطريق العام المجعول للمشاة أو للسيارات ، والذي ينقسم الى عدة مسارات رغم أنه نفس الطريق الرابط بين جهتين .
ومحل الشاهد أن فرصة التكامل متساوية للجميع ..
والله تعالى يهيئ الفرص للجميع على حدٍ سواء، وإن كانت أشكال هذه الفرص تختلف من حيث الصورة والحالة .
ومثال ذلك أننا اذا وجدنا شخصاً ولد في اسرة واعية، وآخر ولد في اسرة جاهلة، فان الظاهر لنا لأول وهلة ان فرصة الاول أفضل للتكامل ،
ولكننا بالتأمل والبرهان وبالتجربة والإستبيان سنتوصل الى ان المسألة ليست مطردة ، وأنها منوطة واقعاً بارادة الفرد وهمته وحسن توفيقه، فلعل الاول لايصلح وان وُلد في تلك الاسرة، ولعل الثاني يصلح ويكون من كبار العلماء وان كان مولده في تلك الاسرة.
وهذا يعني ان الفرص متكافئة، وان توهمنا انها غير متكافئة بحسب الظاهر والنظرة السريعة ،
فالمولود في تلك الاسرة الجاهلة قد يؤيَّده الله تعالى بصديق ناصح، او بنفس صافية، ليعوضه بدل جهالة أسرته، وبذلك تكون فرصته مساوية لفرصة المولود في تلك الاسرة الواعية.
والمهم في المقام أننا نريد الآن تطييب خواطر أفراد المجتمع عموما ، وإعطائهم دفعة من الأمل والبشرى ، بان الجنة مفتوحة لهم، كما هي مفتوحة للخاصة من العلماء او المقربين او نحوهم ..
بل لعل بعضهم ينال اعلى الدرجات رغم بساطة حياته، او انشغاله في قوت عياله، أو تربية اطفاله .
ففي بعض الروايات عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ان في الجنة درجة لاينالها الا إمام عادل , أو ذو رحم وصول , أو ذو عيال صبور .
اللهم اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ
وَ اجْذِبْنِي بِمَنِّكَ حَتَّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ
© Alhawza News Agency 2019