المقالات والبحوث
الحسنات يذهبن السيئات بقلم الشيخ عماد مجوت

الحسنات يذهبن السيئات
بقلم الشيخ عماد مجوت
واقعية القرآن تفرض تلبية متطلبات الإنسان البدنية والنفسية ، والصحة النفسية تبنى على تصفير ما يعكر إنشراحه الروحي ، ومن هنا كانت هذه المتطلبات حاضرة في العلاجات القرآنية ، والتي منها المعقمات مثل الحسنات كما في قوله تعالى : ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكرى لِلذّاكِرينَ﴾
[هود: ١١٤] . فإن التعليل في الآية لإقامة الصلاة لأجل هذه العلة اي إذهاب السيئات بواسطة الحسنات ، وأن هذه الطريقة من العلاج ذكرى لمن يتصف بأنه من الذاكرين .
ولا يقتصر في التعليل على المورد المعلل وهو الصلاة ، فكما أن الصلاة بما هي حسنة تذهب بما قبلها بما هو سيئة .
كذلك غير الصلاة بوصف أنه حسنة يذهب بما قبله بما هو سيئة فمن أخطأ بحقك ثم جاءك معتذرا فاقبل منه لأنها حسنة تذهب بسيئته : ﴿ وَليَعفوا وَليَصفَحوا أَلا تُحِبّونَ أَن يَغفِرَ اللَّهُ لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [النور: ٢٢] .
فكما تحب أن يصفح عنك كذلك أصفح عن غيرك ، و جمال صفحك أن يكون من دون عتاب كما في تفسير قوله تعالى : ﴿وَإِنَّ السّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصفَحِ الصَّفحَ الجَميلَ﴾ [الحجر: ٨٥] عن الإمام الرضا عليه السلام " عفو من دون عقوبة ، ولا تعنيف ، ولا عتب " . (أعلام الدين : ٣٠٧ ).
وكذلك من الحسنات التي تذهب السيئات أن ترى إيجابيات غيرك ، شخصا كان أم جهة ، أم توجها ، فإنه لا يخلو من جمال ولو كونه خلق الله تعالى : ﴿الَّذي أَحسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلقَ الإِنسانِ مِن طينٍ﴾ [السجدة: ٧] .
ثم مسك الختام قوله : " إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكرى لِلذّاكِرينَ " [هود: ١١٤] .
فمن شاء الصحة النفسية لروحه فهذه ذكرى له : ﴿إِن هُوَ إِلّا ذِكرٌ لِلعالَمينَ * لِمَن شاءَ مِنكُم أَن يَستَقيمَ * وَما تَشاءونَ إِلّا أَن يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ العالَمينَ﴾[التكوير: ٢٧-٢٩]
.
© Alhawza News Agency 2019