المقالات والبحوث
برُّ الأمان في عفّة اللسان ️ بقلم صفية الجيزاني
المجمع العلمي لجامعة الزهراء.
برُّ الأمان في عفّة اللسان .
️ بقلم صفية الجيزاني
بسمه تعالى
منح الله الإنسان نعما عظيمة ، ومن بينها نعمة النطق باللسان ، وهو من أخطر الأعضاء في جسم الانسان، سلاح ذو حدين.
فإن استخدم في طاعة الله تعالى كان هذا شكرا لله على هذه النعمة ، وإن استخدم في معصية الله وطاعة الشيطان أو في تفريق جماعة المسلمين أو الكذب أو قول الزور أو الغيبه والنميمة أو غير ذلك ممّا حرمه الله تعالى كان كفرانا لهذه النعمة العظيمه...
والإسلام أهتم أشد الاهتمام بعفة اللسان وطهارته عن قول القبيح من الكلام قال تعالى (( مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)) ق:١٨ .
والإنسان العفيف لا يلفظ كلمة بها شتيمة ، ولا إهانة للغير ، ولا كلمة فيها استهزاء أو احتقار في أي حديث لأن الإنسان العفيف لا يشهر بالغير ولا يتحدث عنه أمام الآخرين فاللسان وان كان حجمه صغيرا الا ان جرمه كبير، والمشكله انه يتحرك دون كلفة أو مؤنه.
قال الإمام علي عليه السلام :(اللسان سبع أن خلي عقر)1
وعنه عليه السلام :(ان أكثر خطايا ابن آدم من لسانه) 2.
وبه تستحل وتهتك الحرمات ويجمع حطب جهنم من جهه وبه يؤمر بالمعروف ويذكر الله ويدعى إلى الصلاح من جهة أخرى ، وان اللسان ترجمان لقلب الإنسان ، لذا فإن ما يظهر على اللسان غالبا هو تجلي لما يضمر في القلب ،وقد قال الشاعر : أن الكلام لفي الفؤاد وانما جعل اللسان على الفؤاد دليلا .
وان اللسان كما سبق القول جارحه لها الصداره في الخطوره بين الجوارح وتعتريه الكثير من الآفات والموبقات الواجب اجتنابها والحذر منها ومن هذه الآفات:
- الخوض في الباطل يقول المولى عز وجل حكاية عن بعض أهل النار : ((كنا نخوض مع الخائضين)) المدثر:٤٥.
- الفحش والسب واللعن ولعل هذه الآفات الأكثر شيوعا واللسان أسرع إليها من غيرها فترى الناس في حال الغضب يسبون ويلعنون بالفاحش من الكلام ، بل وفي حال الرضا كذلك لا يتورعون ،ولكن هل ياترى من يلعن أو يسب يكون مؤمناً !؟. يجيب عن ذلك رسول الله (ص) :(ليس المؤمن بالطعان ولا الفحاش ولا البذيء) 3 .
- الكذب وهو آفة الآفات وقد روي عن أهل البيت عليهم السلام أن المؤمن يمكن أن يرتكب اي مو بقه الا الكذب وفي ذلك يقول أمير المؤمنين :(أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب) 4
- الغيبه ، و هي أشدها خطرا واقبحها شكلا حتى لقد شبه الله تعالى المغتاب بآكل الجيف فقال : ((لايغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه)) الحجرات :١٢ . فان عاقبة الغيبه هي الخروج من ولاية الله وحتى الشيطان لا يقبله في ولايته فقد ورد :(من روي على مؤمن روايه يريد بها شينه وهدم مروه ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله)٥. فليتدبر الإنسان أن هذه الآفات التي ظهرت على اللسان منشؤها مرض في القلب ، فلولا الحسد ما اغتيب ، ولولا البغضاء ماسب ولعن وشتم.. ولننتبه إلى معالجة أساس هذه الأمراض ومنبعها لنستأصلها من جذورها وننجو ونكون من المفلحين ، فالمطلوب منا إصلاح أنفسنا وعدم تتبع عورات الآخرين والكلام عليهم ، فالمسلم من سلم الناس من يده ولسانه... وعلى أية حال ينبغي للإنسان أن يأخذ بنظر الاعتبار الأخلاق القبيحه الفاسده ويخرجها من مملكة روحه بمخالفة النفس ، فعندما يكتمل جهاد النفس في هذا المقام ويتوفق الإنسان في إخراج جنود ابليس من هذه المملكة فتصبح مملكته مسكنا لملائكة الرحمن تفتح أمام الإنسان أبواب البركات وتغلق أمامه أبواب جهنم وينظر الله تبارك وتعالى إليه بعين اللطف والرحمه ، فيستبدل هذه الآفات بالكلام الطيب وبما يرضي الله ورسوله كالدفاع عن الإسلام ، والوعظ والارشاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوها ، نعم في مقام بيان معائب ظالمي آل محمد واعدائهم فهذا مما يحبه الله تعالى :(لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم)النساء :١٤٨ ، فالله تعالى يحب أن نبين مظلومية المظلوم فكيف إذا كانت المظلومه الأولى في عالم الوجود ؟ ، السيدة الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام ، فلابد أن نبين للعالم ماجرى عليها من حين أن اغمض النبي (ص) عينيه وإلى أن أوصت (ع) أن تدفن سرا.. ثم مظلومية ابنتها الحوراء زينب عليها السلام وما فعلوا بها أعداء الإسلام من ظلم وسبي وشتم لأبيها.. وزادت البنت على امها من دارها تهدى إلى شر دار.. فهذا مما لايجب السكوت عليه بل إظهاره إلى كل العالم ليعلموا الحق من الباطل فيتبعوه... قال تعالى :(( _الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّـهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ )) الزمر : 18
- ----------------
- المصادر ..
1: نهج البلاغه ج4ص25 2 : ميزان الحكمه ج8
3 : فلسفة الأخلاق (إبراهيم الزنجاني)
4 : المصدر السابق
5 : المصدر السابق
© Alhawza News Agency 2019