المجمع العلمي لجامعة الزهراء 

دور الامام الكاظم (عليه السلام) في مكافحة العقائد المنحرفة

 بقلم صفية الجيزاني

لقد أكد الاسلام على ضرورة مكافحة المعتقدات الباطلة وذلك لما لها من تأثير على تقييد فكر الانسان وعلى شاكلته وبواطنه، وهذا مايؤيده العقل. 

لقد كان للامام موسى بن جعفر عليه السلام دورا بارزا في مكافحة المعتقدات المنحرفة وقد التزم امامنا نفس الطريق الذي عينه الاسلام وهو نفس الطريق الذي حدده العقل السليم، ومن خلال تتبع سيرته الشريفة تبين انه عليه السلام مارس دوره في حفظ العقائد عن طريق الاعلام والتبليغ سواء السري او العلني، فأن الامام عليه السلام اعتمد الدليل البرهاني والنصح والموعظة والمناظرة والنقاش الحر، وهو بهذا قد التزم طريقة الاسلام التي دعا اليها القرآن الكريم حيث يقول تعالى (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن) النحل 125.

وهنا نذكر بعض الشواهد والنصوص الروائية التي صدرت منه عليه السلام والتي اثبتت حكمته في الدفاع عن العقيدة الاسلامية الحقة، حيث وقف الامام في صغر سنه وهو مازال غلام امام أبو حنيفة النعماني الذي اراد اختبار الامام عليه السلام ليخجله في بعض المسائل، وكان من ضمن ما سأله:يا غلام (وكان يقصد الامام) ممن المعصية؟ فأجابه الامام عليه السلام:(ياشيخ لا تخلو من ثلاث اما ان تكون من الله وليس من العبد شيء، فليس للحكيم ان يأخذ عبده بما لم يفعله، واما  تكون من العبد ومن الله، والله اقوى الشريكين فليس للشريك الاكبر ان يأخذ الشريك الاصغر بذنبه، واما ان تكون من العبد وليس من الله شيء، فأن شاء عفى وان شاء عاقب). فأصابت ابا حنيفه سكته كأنما القم فوه الحجر"١.فوضح الامام عليه السلام انه ليس هناك لا جبر ولا تفويض بل هو امر بين امرين. فنجد بأن الامام قد استدل بالاستدلال العقلي على أختيار الانسان وارادته ولكن دون استقلال عن ارادة الله تعالى وقدرته. 

اما الاسلوب الثاني الذي اتبعه الامام هو الموعظة الحسنه وذلك لما لها من اثر في تحريك العواطف والمشاعر لقبول الحق لاسيما اذا كان الواعظ متعظا بمايقوله وعاملا به. فروي ان الامام عليه السلام صدرت منه موعظه مؤثره جدا لولده ولكافة شيعته حيث قال :(يا بني اياك ان يراك الله في معصية نهاك عنها، واياك وان يفقدك الله عن طاعة امرك بها...) "٢.وغيرها من المواعظ التي اراد الامام بها تصحيح حياة الناس الفكرية والعقائدية. 

اما الاسلوب الثالث الذي اتبعه الامام في مكافحة العقائد المنحرفة وهو اسلوب المناظرة والبحث (وجادلهم بالتي هي احسن) ومن ذلك مناظرة جرت بينه وبين احد النصارى حول بعض المسائل العقائدية، ولقد اجاب عليه السلام عنها كلها. ومنها سؤال النصراني حول التفسير الباطني للاية (حم.والكتاب المبين. انا انزلناه في ليلة مباركة. اناكنا منذرين. فيها يعرف كل امر حكيم). الدخان ١-٤.فقال عليه السلام اما (حم) فهو محمد وهو في كتاب هود الذي انزل عليه وهو منقوص الحروف، واما (الكتاب المبين) فهو امير المؤمنين علي عليه السلام، واما (ليلة القدر) ففاطمة صلوات الله عليها، واما قوله (فيها يفرق كل امر حكيم) يقول يخرج منها خير كثير فرجل حكيم ورجل حكيم ورجل حكيم) "٣.

وهكذا وظف الامام موسى الكاظم عليه السلام هذه الاساليب في دعوة الناس الى الاسلام وعقائده الحقة وهو المنهج الذي اتبعه الائمة عليهم السلام من قبله. 

............................... 

1-تحف العقول411

2-نفس المصدر

3-عوالم الزهراء 1/99