أخبار اسلامية

حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

???? بقلم:فاتن طاهر الأسدي 

 

بسم الله الرحمن الرحيم :(المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر...) سورة التوبة الآية: 71 الجزء العاشر  

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 

- ما هي حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ 

 إنه سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء، وهو فريضة عظيمة، بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب، وترد المظالم، وتعمر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر، كما عبر عنه أئمة أهل البيت(عليهم السلام) في أحاديثهم الشريفة، وهو من أعظم الواجبات التي تجب على الإنسان، وخصوصاً في هذا الزمان حيث عمت الفتن وفشت الضلالة، وانعدمت حقيقة الفضائل. 

والإسلام- الذي هو مجمع الفضائل- لا يغفل هذه الناحية العامة من الحياة السعيدة، إنه يحث الناس على أن يأمروا بالمعروف، حتى يشيع المعروف في المجتمع، كما أنه يأمر أيضاً بالنهي عن المنكر للمحافظة على نقاء وطهارة المجتمع الإسلامي، وبقاء البركة فيه. 

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الفرائض الإسلامية، وتهدف هذه الفريضة إلى التخلية والتحلية، فالنهي عن المنكر يخلِّي الفرد والمجتمع والأمة من الانحرافات السلوكية والروحية، والأمر بالمعروف يحلِّي الفرد والمجتمع والأمة بالفضائل السلوكية والروحية. 

جعل الله تعالى الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الاوصاف الخاصة بالمؤمنين ، وهما من شؤون ولاية بعض المؤمنين على بعض . 

قال تعالى : ( والمؤمِنُونَ والمؤمِناتُ بَعضُهُم أولياءُ بعضٍ يأمرُونَ بالمعرُوفِ وَينهوَن عَنِ المُنكَرِ ويُقيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤتَونَ الزَّكاةَ ويُطيعُونَ اللهَ وَرَسولَهُ أولئِكَ سَيرحمُهُمُ اللهُ إنَّ اللهَ عَزيزٌ حكيمٌ ) التوبة 71 

وعلى هذا فالذي يهجر الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون خارجاً عن (هؤلاء المؤمنين المنعوتين في هذه الآية) واخراج التاركين للاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جماعة المؤمنين لا يصحّ ولا يستقيم إلاّ إذا كانا واجبين ، وعليهما تترتب الرحمة . 

ويؤيد ثبوت الوجوب انّ الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر وردا في سياق الواجبات كاقامة الصلاة وايتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وآله فهما واجبان بدلالة وحدة السياق ، وتكرّر اقترانهما مع الواجبات يفيد الاطمئنان بوجوبهما . 

وقال تعالى : ( لَولا يَنهاهُمُ الرَّبَّانيُونَ والاَحبارُ عَن قَولِهِم الاِثمَ وأكلِهِمُ السُّحتَ لَبئسَ ما كَانُوا يَصنعُونَ )المائدة 63 

فقد بين الله تعالى ان الربانيين والاَحبار أثموا بترك النهي عن المنكر والدلالة واضحة على وجوب الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلو لم يكونا واجبين لما ترتب الاَثم على تركهما ، ولما وبّخهم الله تعالى على سكوتهم ؛ لاَنّ التوبيخ يستتبع العمل السيئ ، وترك النهي عن المنكر هو أحد مصاديقه  

فلو لم يكن النهي عن المنكر واجباً لما استحقوا اللعنة بتركهم إيّاه ؛ لاَنّ اللعنة تختص بترك الواجب . 

وقال تعالى : ( يَا أيُّها الَّذِينَ آمنُوا قُوا أنفُسَكُم وأهلِيكُم نَاراً وقُودُها النَّاسُ والحِجارةُ... ) (2). 

وقاية الاَهل من النار تتم (بدعائهم إلى الطاعة وتعليمهم الفرائض ، ونهيهم عن القبائح ، وحثّهم على أفعال الخير) مجمع البيان في تفسير القرآن 5 : 318 .. 

والوقاية هي الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما روي عن الاِمام الصادق عليه السلام قال : « لمّا نزلت هذه الآية... جلس رجل من المسلمين يبكي ، وقال : أنا عجزت عن نفسي ، كُلّفت أهلي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك ، وتنهاهم عمّا تنهى عنه نفسك » (الكافي ) وفعل الاَمر (قو) يدل على الوجوب ، ويتحقق هذا الفعل ان قام الاِنسان بالاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهما واجبان ؛ لاَنهما مقدمة من مقدمات الهداية والانقاذ من النار . 

و قوله تعالى:(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) سورة آل عمران الآية 104، وقوله عز وجل:(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) سورة آل عمران الآية 110، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي تحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 

 

الروايات الشريفة : 

الروايات الدالة على وجوب الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر مستفيضة ومتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ، وقد أكدت السيرة على ذلك ، حتى أصبح سكوت المعصوم عليه السلام عن عمل معينٍ دليلاً على جوازه ، فلو كان محرّماً لنهى عنه ، وكانت سيرة المعصومين عليهم السلام تجسيداً للاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله تعالى ، بتصحيح اعتقاد الناس وتربية نفوسهم وتهذيب سلوكهم .

إن أهل البيت عليهم السلام كانوا الحاملين للواء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمثال الأوضح الحسين الشهيدعليه السلام فهو ملهم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. 

ومن أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام): 

عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قوله:(ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ولم يوقر كبيرنا، ولم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر) مستدرك الوسائل ج12 ص185. 

وعن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) قال:(قوام الشريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). 

عن حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : « الاِسلام ثمانية أسهم : الاِسلام سهم ، والصلاة سهم ، والزكاة سهم ، والصوم سهم ، وحج البيت سهم ، والاَمر بالمعروف سهم ، والنهي عن المنكر سهم ، والجهاد في سبيل الله سهم ، وقد خاب من لا سهم له » (الترغيب والترهيب 3 : 232). 

فقد عدّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جملة الواجبات وجعل الخيبة والخسران نتيجة لمن لا سهم له . 

ومن مظاهر الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر محاربة البدع وذلك عن طريق اثبات مخالفتها للعقيدة والشريعة ، ثم تبيان الرأي الاَصوب والحكم الاَصوب والسلوك المنسجم مع المبادىَ والقيم الاِسلامية .  

 

 

- ماذا يترتب على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ 

 الدين الإسلامي ينهى أشد النهي عن ترك الأمر بالمعروف والنهي المنكر والتهاون والمداهنة فيهما، فان في ذلك زيغ المجتمع وانحرافه عن سنن العدل وجنوح المبطلين إلى العبث به، وإن في اهمالهما والاستهانة بهما آثار عكسية في حياة الأمة، من الاستخفاف بالدين والتنكر للعقائد والاستهتار بالقيم والمثل العليا والخروج عن منهج الحق. 

قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):(لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم). وقيل لرسول الله(صلى الله عليه وآله) أتهلك القرية وفيها الصالحون؟ قال:( نعم) قيل: بم يا رسول الله؟ قال:(بتهاونهم وسكوتهم عن معاصي الله). 

وقال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام):(لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به). 

- ما هي شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ 

 1- العلم بكونه معروفاً أو منكراً ليأمن من الخطأ. 

2- العلم بالتأثير ولو بشكل جزئي، فلو علم أو غلب ظنه أن لا يؤثر في غيره لم يجب عليه ذلك لعدم الفائدة. 

3- القدرة والتمكن منه، وعدم ترتب الضرر عليه، فلو ظن توجه الضرر إليه أو إلى أحد المسلمين بسببه سقط عنه ذلك. 

4- أن يكون مرتكب المنكر أو تارك المعروف مصراً على عمله، فإذا ارتكب أحد منكراً ولكنه ندم من فعله وعزم على تركه، لم يجب نهيه عن المنكر. 

إن توجيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الآخرين ثقيل جداً عليهم، لأن ذلك يجعل المأمور والمنهي في موقع التخطئة والتقريع، الأمر الذي يخدش الكبرياء ويؤذي النفس، فعلى القائم بهذه الفريضة أن يراعي الأساليب التي لا تمس مشاعر الآخرين بسوء بحيث يترك الانطباع الحسن لديهم. هذا وينبغي أن يكون الآمر بالمعروف ملتزماً هو بنفسه، وإلاّ فلا يؤثر كلامه عادة، كما ينبغي أن يكون حليماً صبوراً غير متسرع ولا سيء الخلق، وأن يكون حكيماً يختار الوقت المناسب والكلام المناسب، حتى يستطيع التأثير في الآخرين وحثهم على المعروف ونهيهم عن المنكر.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار