المقالات والبحوث

شمس الفتوة الحيدرية وتجلياتها في ظلمات الجو الانقلابي بمعركة أحد بقلم توفيق حسن علوية كاتب وباحث من لبنان

شمس الفتوة الحيدرية وتجلياتها في ظلمات الجو الانقلابي بمعركة أحد  بقلم توفيق حسن علوية كاتب وباحث من لبنان
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

شمس الفتوة الحيدرية وتجلياتها في ظلمات الجو الانقلابي بمعركة أحد

بقلم توفيق حسن علوية كاتب وباحث من لبنان

 

معركة أحد لها بداية ولها احداث ومجريات ولها نهاية ، لقد كانت بدايتها انتصارا عظيما للمؤمنين ، وكذا كانت نهايتها انتصارا ، بينما تحولت احداثها ومجرياتها الى اعظم دروس تربوية لكل من يقارب السنن الالهية مقاربة موضوعية .

 

ويظهر من الايات القرانية التي تناولت معركة احد ان الله المتعال وعد المؤمنين بالنصر ، وبالفعل بدات المعركة وكان النصر حليفا للمؤمنين ، ولكن وفي الاثناء تحول النصر الى هزيمة وتعرض المؤمنون لاعظم امتحان في الشدة والبلاء والتمحيص ، وتوجه المسلمون بالسؤال الى نبيهم (ص) : الم يعدنا الله بالنصر فلماذا تحول الى هزيمة ؟ فكان الجواب الالهي بحسب ما يظهر من الايات : ان تحول النصر الى هزيمة مرده الى تبدل احوال قسم كبير منكم من اصل ٧٠٠ لم يبق الا ١٤ .

 

فالنفسية حينما تكون نفسية الطامع بالغنائم ، ونفسية الارادة الضعيفة ، ونفسية الانقلاب ، ونفسية الارتداد ، فإنها نفسية لن تعرف الا الهزيمة النكراء .

 

وهكذا فقد انتهت المعركة ولكن الله المتعال وببركة الجهود الايمانية والنفسية والعملانية لجزء من المشاركين بهذه المعركة فقد ارجع النصر للمؤمنين من خلال عدم تحقيق اي انجاز للمشركين من هذه المعركة بالرغم من ظهورهم كمنتصرين ، ومن خلال عزوفهم عن الهجوم على المدينة بسبب خوفهم ورعبهم مما رأوه من استبسال المؤمنين بالرغم من جراحهم التي ظهرت في غزوة حمراء الاسد التي كانت رديفا مهما لجبر الضعف والنقص الذي ظهر من معركة احد ، كما ان اعظم انتصار يمكن ان تكون قد شكلته الدروس التربوية في احد هو التمهيد لانتصار الخندق وفتح مكة والانتصارات اللاحقة .

 

 

 

هما نموذجان اذن ظهرا وبرزا وتجليا بقوة في معركة احد هما :

١- الانقلاب على الاعقاب .

٢ – الفتوة الحيدرية

 

النموذج الأول : المنقلبون على الأعقاب :

قال الله المتعال حكاية عنهم وعما فعلوه بمعركة احد :{وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو<قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين }

 

ففي معركة ” أحد ” ارتفعت صيحة فجأة في ذروة القتال بين المسلمين والوثنيين أن محمداً قد قتل .

 

ولقد قارنت هذه الصيحة نفس اللحظة التي رمى فيها ” عمرو بن قمئة الحارثي ” النبي (ص) بحجر فكسر به رباعيته وشجه في وجهه، فسأل الدم، وغطى وجهه الشريف ، فقد كان العدو يريد في هذه اللحظة أن يقضي على رسول الله،

ولكن ” مصعب بن عمير ” وهو من حملة الرايات في الجيش الإسلامي ذب عنه

حتى قتل دون النبي (ص) ، فتوهم العدو أن النبي( ص) قد قتل، ولهذا صاح: إلا أن محمدا قد قتل، ليخبر الناس بذلك الأمر.

وقد كان لانتشار هذا الخبر أثره الإيجابي في معنويات المشركين بقدر ما ترك

من الأثر السيء في نفوس المسلمين حيث تزعزعت روحيتهم وزلزلوا زلزالا

شديدا، فاضطرب جمع كبير منهم كانوا يشكلون أغلبية الجيش الإسلامي، وأسرعوا في الخروج من ميدان القتال، بل وفكر بعضهم أن يرتد عن الإسلام بمقتل النبي (ص) ويطلب الأمان من أقطاب المشركين، بينما كان هناك أقلية من المسلمين مثل الإمام علي (ع) وأبو دجانة وطلحة وآخرون، يصرون على الثبات والمقاومة ويدعون الناس إليه.

فقد جاء أنس بن النضر إلى ذلك الفريق الذي كان يفكر في الفرار وقال لهم : يا قوم إن كان قد قتل محمد فرب محمد لم يقتل فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول

الله (ص) وموتوا على ما مات عليه . ثم شد بسيفه وحمل على الكفار وقاتل حتى قتل، ثم لم يمض وقت طويل حتى تبين أن النبي (ص) على قيد الحياة، وتبين

على أثره خطأ ذلك الخبر أو كذبه، فنزلت الآية التي توبخ الذين لاذوا بالفرار بشدة.

وهذا الانقلاب على الاعقاب لم يتوقل عند حد معركة احد كما يتوهم بعض اتباع الاصنام البشرية التاريخية المنخفضة ، وانما استمر ولكن بصورة نفاقية مبطنة حكمت فيما بعد باسم الاسلام ونجحت في تمرير الحكم الى السفيانيين الذين قتلوا ال محمد وشيعتهم وما زالوا يقتلونهم .

 

النموذج الثاني : الفتوة الحيدرية :

المتمثلة بقول جبرائيل ( ع) : لا فتى الا علي ولا سيف الا ذو الفقار .

 

هنا الفتوة الحيدرية الحقيقية ، لا عنتريات اهل الانقلاب على الاعقاب الذين فروا في المعارك وعندما تم اسر شريكهم السري ( ابوسفيان ) قالوا لرسول الله ( ص) دعنا نقتله ! ان هذا هو الجبن بعينه !

لقد اعطتنا الفتوة الحيدرية بمعركة احد دروسا عديدة ، منها :

ان حقيقة الفضائل الانسانية انما تتجلى حينما تكون اوحدية لا حينما تكون انضمامية جماعية ، فلو وضعنا افضل الرجال محل علي ( ع) في بدر واحد والخندق وخيبر وغيرهن لما افلح ، بينما لو وضعنا اي انسان محل شخص اخر معه العدة والعديد لافلح .

ومنها : ان الفتوة الحيدرية الاجدية تم اعلانها من السماء ، فهي فتوة الهية بامتياز .

 

ومنها : ان الفتوة الحيدرية لم تأت من فراغ فرضته صرف القوة البدنية والشجاعة النفسانية وانما اتت من روحية

 

اعتقادية يقينية عبادية جهادية عاشقية ظهرت بعض اثارها في هذه المعركة .

 

ومنها : ان الفتوة الحيدرية كانت بجنب الرسول الاعظم ( ص) تذب عنه وتكشف الكرب عن وجهه ، وهذا يعطي كل الشباب درسا مهما قوامه : عدم استخدام القوة الا حينما تكون مسددة من الدين الصحيح .

 

ومنها : ان الفتوة الحيدرية كانت تصنع الانجازات في الوقت الذي وقعت فيه الرجال بفخ الانقلابات والارتدادات

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار