المقالات والبحوث

اشراقات مهدوية بقلم الشيخ رائد الحسيناوي

 اشراقات  مهدوية    بقلم الشيخ رائد الحسيناوي
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

اشراقات  مهدوية

بقلم الشيخ رائد الحسيناوي

المنتظر والمنتظرون......

انتظار الامام :

    قال تعالى:(ياأيها الذين آمنوا اصبروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) .

     توطئة :

     في ضوء ماتعطيه اللغة لمعنى (الانتظار) حين تحدده بالترقب والتوقع...قد يتوهم : أن علينا أن نعيش في فترة الغيبة مترقبين لليوم الموعود الذي يبدؤه الامام المنتظر(عليه السلام) بالقضاء على الكفر ، وبالقيام بتطبيق الاسلام لتعيش الحياة تحت ظلاله في دعة وأمان ، غير متوفرين على القيام بمسؤولية تحكيم الاسلام في حياتنا وفي كل مجالاتها ، وبخاصة مجالها السياسي بدافع من ايماننا بأن مسؤولية تحكيم الاسلام في كل مجالات الحياة هي وظيفة الامام المنتظر(عليه السلام) ، فلسنا بمكلفين بها الان .

     وقد يتوهم بأنها من عقيدة الشيعة ، فتتحول عقيدتنا بالامام المنتظر فكرة تخدير عن القيام بالمسؤولية المذكورة بسبب هذا التوهم . الا اننا مهما حاولنا تجلية واقع الامر بما يرفع أمثال هذه الالوان من التوهم نجد ان منشأ هذه المحاولة هو محاولة عدم الفهم ، او سوء الفهم في الواقع. وذلك لان مايفاد من الانتظار في اطار واقعة كلازم من لوازم الاعتقاد بالامام المنتظر(عليه السلام) يتنافى وهذه الالوان من التوهم تمام المنافاة لانه يتنافى وواقع العقيدة الاسلامية التي تضم عقيدة الامامية كجزء مهم من اجزائها.

     يقول الشيخ المظفر : ومما يجدر أن نعرفه في هذا الصدد : ليس معنى انتظار هذا المصلح المنقذ (المهدي) ، ان يقف المسلمون مكتوفي الايدي فيما يعود الى الحق من دينهم ، وما يجب عليهم من نصرته والجهاد في سبيله والاخذ باحكامه والامر بالمعروف والنهي عن المنكر....

       بل المسلم أبدا مكلف بالعمل بما انزل من الاحكام الشرعية ، وواجب عليه السعي لمعرفتها على وجهها الصحيح بالطرق الموصلة ايها حقيقة وواجب عليه ان يامر بالمعروف وينهى عن المنكر ماتمكن من ذلك ، بلغت اليه قدرته ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).

     ولايجوز له التأخر عن واجباته بمجرد الانتظار للمصلح المهدي والمبشر الهادي فان هذا لايسقط تكليفا ولايؤجل عملا ولايجعل الناس هملا كالسوائم.

       ويقول الصافي الكلبايكاني : وليعلم ان معنى الانتظار ليس تخلية سبيل الكفار والأشرار وتسليم الامور اليهم والمراهنة معهم وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والاقدامات الاصلاحية.

     فانه كيف يجوز إكال الأمور الى الاشرار مع التمكن من دفعهم عن ذلك والمراهنة معهم وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرهما من المعاصي التي دل عليها العقل والنقل واجماع المسلمين.

     ولم يقل احد من العلماء وغيرهم باسقاط التكاليف قبل ظهوره(يعني الامام المنتظر) ولايرى منه عين ولااثر في الاخبار......نعم تدل الآيات والاحاديث الكثيرة على خلاف ذلك ، بل تدل عل تأكد الواجبات والتكاليف والترغيب الى مزيد الاهتمام في العمل بالوظائف الدينية كلها في عصر الغيبة .

 

     فإذن ماهو الانتظار ؟ 

     إن الذي يفاد من الروايات في هذا المجال ، هو أن المراد من الانتظار هو : وجوب التمهيد والتوطئة لظهور الامام المنتظر (عليه السلام) .

 

    نذكر بعض الروايات في هذا الصدد :

    ١/ ماروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : يخرج رجل يوطىء أو (قال: يمكن) لآل محمد، كما مكنت قريش لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وجب على كل مؤمن نصرته(أو قال اجابته...).

     ٢/ ماروي عن النبي (صلى الله عليه وآله ) ايضا: يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي.

     ٣/ ماروي عنه(صلى الله عليه وآله) ايضا: ياتي قوم من قبل المشرق ومعهم رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ماسألوه فلا يقبلونه حتى يدفعوها الى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا ، كما ملأوها جورا فمن ادرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج.

     والروايتان الاولى والثالثة صريحتان في ذلك حيث تفيدانه بمنطوقهما....أما الثانية فالذي يبدو اننا نستطيع افادة ذلك منها من مدح النبي( صلى الله عليه وآله) للموطئين للإمام المنتظر(عليه السلام) .

      وعلى أساس ماتقدم ننتهي الى النتيجة التالية وهي: 

     ان الانتظار ليس هو التسليم....

     وانما هو واجب آخر يضاف الى قائمة الواجبات الاسلامية .

 

     كيف تكون منتظرا حقيقيا؟ 

     ١/ أن لايكون الانتظار لاجل تحقيق مطامع شخصية وتحصيل وجاهات ذاتية فان هذا الانسان ليس منتظرا للامام عليه السلام في الحقيقة وانما هو منتظر للحصول عل الشهوات النفسانية واللذات الجسمانية كما قال أمير المؤمنين(اني اريدكم لله وأنتم تريدوني لأنفسكم).

 

٢/ السعي الحثيث والجاد لتهذيب النفس وتحليتها بالاخلاق الفاضلة وتقوى الله والورع عن محارمه ، فقد روي عن الامام الصادق عليه السلام : من سره ان يكون من اصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق وهو منتظر فان مات وقام القائم بعده كان له من الاجر مثل أجر من ادركه فجدوا  وانتظروا هنيئا لكم ايتها العصابة المرحومة.

      ٣/ التهىء في اابعد العسكري.

      ٤/ التهىء في البعد العبادي 

     لاشك ولاريب أن العبادة بجميع مفرداتها لهي خير وسيلة لتركيز صفة الانتظار في النفس الانسانية وهذا مانبه عليه اهل البيت عليهم السلام ، وقد ذكر لنا اهل البيت عليهم السلام برنامجا يوميا واسبوعيا لهذا الامر ركزوا من خلاله على هذا الجانب تركيزا كبيرا.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار