أخبار اسلامية

كيف نتحدث عن الله لعباده؟ سماحة الشيخ حسن الصفار

كيف نتحدث عن الله لعباده؟  سماحة الشيخ حسن الصفار
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

كيف نتحدث عن الله لعباده؟

سماحة الشيخ حسن الصفار 

 

الثقافة الدينية والخطاب الديني ينبغي أن يركز على هذا الأمر، كيف ينبغي أن نعرف الله للناس، كيف نتحدث عن الله لخلقه وعباده؟

بعض الخطاب الديني يطيل الحديث عن جانب الوعيد والعقوبات، لكنه لا يركز على الوعد بالمغفرة وبالثواب، وهذا فقدان للتوازن، بعض الدعاة يصورون الله تعالى أمام الناس وكأنه جلاد منتقم، لذلك تحصل حالات سلبية في بعض أوساط المتدينين، بسب عدم التوازن في الخطاب الديني، مثل بعض حالات الوسواس والاضطراب في القضايا العبادية، بدايتها من الشعور بالخوف الشديد من عقاب الله، يخشى من حدوث خلل في الغسل أو الوضوء يؤدي به إلى النار والعذاب!!

 

حينما يبالغ الإنسان في مثل هذه الأمور يقع في مشكلات نفسية، بينما إذا تعرف الإنسان إلى ربه الغفور الرحيم الرؤوف بعباده وأنّ رحمته سبقت غضبه، وأنّ رحمته وسعت كلّ شيء، هذه الصورة إذا سكنت قلب الإنسان ترفع معنوياته، وتجعله أقرب إلى ربه، محبًّا له سبحانه، وهناك فرق بين المحبة والهيبة، فهناك شخص تحبه وتنجذب إليه، وشخص تهابه وتخاف منه، لا شك أنّ الشعور بالمحبة هو الشعور الأفضل في نفس الإنسان.

 

الله سبحانه وتعالى يريد أن يكون شعور العبد تجاهه شعور المحبة، والإحساس بالرحمة والرأفة، صحيح أنه يعرف أنّ الله شديد العقاب، لكن هذه الحالة استثنائية قليلة نادرة.

 

حينما بلغ الإمام زين العابدين "ع" أنّ الحَسَنَ البَصْرِي يقول: لَيْسَ العَجَبُ مِمَّنْ هَلَكَ كَيْفَ هَلَكَ؟ وَإنَّمَا العَجَبُ مِمَّنْ نَجَا كَيْفَ نَجَا. قَالَ : أنَا أقُولُ: لَيْسَ العَجَبُ مِمَّنْ نَجَا كَيْفَ نَجَا وَإنمَّا العَجَبُ مِمَّنْ هَلَكَ كَيْفَ هَلَكَ مَعَ سِعَةِ رَحْمَةِ اللّهِ». 

 

فالأصل هو الرحمة والرأفة، ورد عن رسول الله "ص" أنه قال: «مَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شيءٍ إلّا وقَدْ خَلَقَ لَهُ ما يَغلِبُهُ، وخَلَقَ رَحمَتَهُ تَغلِبُ غَضَبَهُ».

 

وعن الإمام علي "ع": «اللهُ أَرحَمُ بِكَ مِنْ نفْسِكَ».

 

وكما جاء في الدعاء: «يا مَنْ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَتُهُ، يا مَنْ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ».

 

فالنصوص تركز على هذا المعنى،  وخاصة في هذا العصر، حيث يواجه الإنسان مختلف الضغوط في الحياة، ويحتاج إلى مساندة ودعم، وإلى رفع معنوياته، لذلك لا بُدّ وأن تُطرح المفاهيم الدينية التي تقرّب الإنسان إلى ربه، وتفتح أمامه آفاق  الأمل، وللأسف هناك بعض المتديّنين نفوسهم ضيقة، حينما يَرَوْن أشخاصًا لديهم بعض المعاصي، ينبذونهم، ولا يأملون فيهم خيرًا،  بينما النصوص الدينية تحذّر من مثل هذا التفكير، جاء في وصية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب "ع" لولده الإمام الحسين "ع": «أي بُنَيَ، لا تُؤيِس مُذنِبًا، فَكَمْ مِن عاكِفٍ عَلى ذَنبِهِ خُتِمَ لَهُ بِخَيرٍ، وكَمْ مِنْ مُقبِلٍ عَلى عَمَلِهِ مُفسِدٌ في آخِرِ عُمُرِهِ صائِرٌ إلَى النّارِ».

 

لذلك ينبغي التوازن في خطابنا الديني، وأن نتحدث عن رأفة الله، ورحمته بعباده، لكي نرفع معنويات الإنسان، ونحبّبه إلى الله، وكم من الأحاديث القدسية التي تدعو إلى حسن الدعوة إلى الله تعالى، كما ورد في الحديث القدسي أنّ الله خاطب نبيه داوود : «حَبَّبَني إلى عِبادي».

 

إنّ نظرة المتدينين لمن يرونه مخالفًا للتدين والالتزام، ينبغي ألّا تكون نظرة سوداء قاتمة، بل عليهم أن يعرفوا أنّ رحمة الله أوسع وأعظم وقد تشمل هذا الإنسان.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار