المقالات والبحوث

مهمة التبليغ تكليف أم توظيف ؟ ..الجزء الأول حسن كاظم الفتال

مهمة التبليغ تكليف أم توظيف ؟ ..الجزء الأول     حسن كاظم الفتال

مهمة التبليغ تكليف أم توظيف ؟ ..الجزء الأول

   حسن كاظم الفتال 

ــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

لتُبَيِّنَ للناشِ ما نُزِّلَ إليهم ولَعَلَّهم يتفكرون) ـ النحل / 44

الأمر الذي لا يخفى على أحد إن العقل الجمعي له علقة بقاسم مشترك واحد يلحظ إلى أن طبيعة المجتمعات أو الفئات أو الطبقات أو الطوائف مع تباين مراتب توجهاتها وإتجاهاتها ومعتقداتها وانتماءاتها فهي في الغالب ربما تكون بحاجة إلى تبني مقومات أو ركائز ترتكز عليها في مواصلتها مسيرتها الحياتية العامة وتلبية متطلباتها وهي تتطلع بتوق لتحقيق مرادها وتأمل أن ترتقي لمراتب مرجوة مشرفة وأن تتزود ببراعة تمكنها من أن تسلك سبيل الصواب بكل جدارة وتواصل اللحاق بركب الحضارة وتتنافس على تسجيل السبق في ذلك. ولعل هذا المراد الذي تطمح لبلوغه لا يتحقق إلا من خلال تدرعها بالثقافة وتنوير الفكر بالعلم والمعرفة ليعينها ذلك على الإنتقال من مرحلة إلى أخرى فتقف على ربوة الاستكانة والسلام والاستقرار والطمأنينة وتضمن كسب الكرامة الإنسانية.

هذا الكسب والتحصيل لعله لا يتم إلا من خلال إرشاد وتوجيه وتبليغ من قبل ذوي الخبرة وأصحاب الإختصاصات ممن تنطبق عليه مواصفات المرشد أو المبلغ.

والمبلغ هو المرشد وهو يمثل دور الناصح الصادق المخلص الحامل والموصل رسالة إنسانية مؤداها نشر الوعي وصيانة المجتمع من الوقوع في شفا جرفٍ هارٍ وتأمين الوقاية الكافية والنقاء وحمايته وصيانته من الإصابة بآفاتٍ اجتماعية أو تلوث بيئي ينخر صميم ذات المجتمع أو الأمة. وعند ذاك يتجه نحو صناعة جيل حضاري سليمٍ فاضلٍ نقي نزيهٍ محصنٍ بالوعي مؤطرٍ بالإيمان العقائدي.جيل تتروض فيه النفوس فتتطبع على سلوك الطريق إلى الله تبارك وتعالى بوعيٍ وصدق تامين فتبلغ الذرى. (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) ـ الأعراف/68

تبليغية النصح والإرشاد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجمل ما تقدم من رأي يخلق انطباعا لدى المتتبع إن مؤدى التبليغ هو الإستقامة ورسم طريق الصواب السوي والإهتداء إليه وهو وسيلة من وسائل شيوع الإصلاح في المجتمعات مما يبرهن أن ليس هناك أجل واشرفُ وأبهى وأنبل من مهمة التبليغ. إذ هي وظيفة مقدسة قيمة مشرفة وهي رسالة إنسانية مبجلة تعين الأجيال على أن ترقى إلى أسمق ذرى العلم والمعرفة وتواصل سيرها إلى مواكبة التطور والسعي للتمازج والتلاقح الفكري وهذا ما حث المجتمعات الواعية على أن تتنافس فيما بينها في إيلائها الإهتمام البالغ والإعتناء الوافر بوظيفة التبليغ والتعاطي السليم مع معطياتها وأبعادها والإستجابة لما تنشد إليه هذه الوظيفة وهي مهمة أول ما حملها اللهُ سبحانه وتعالى للأنبياء والأوصياء وأشار لها القرآن الكريم في مواطن كثيرة وبتعابير أو منطوقات معينة.

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ ـ فصلت / 33

﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ـ الأعراف/ 68

مقومات التبليغ

ــــــــــــــــــــــــ

وكثيرا ما تستلزم وظيفة التبليغ ملكات ذاتية أو مقومات يتبنى بها المبلغ فك بعض الرموز وتفتيت خفايا الحقائق وبث ونشر المعلومات الجيدة والصحيحة والقيمة بسلاسة إلى المجتمعات لتثقيفها وإطلاعها على بعض غوامض الأمور وقبل ذلك إتقان عملية بث روح الرغبة والتقبل من خلال إيجاد أو خلق شوق في نفس المتلقي لتهيئته وجعله مستعدا للتعاطي مع أبعاد مسيرة الحياة اليومية وجعله قادرا على صناعة النفس الفاضلة التي تمكنه من التمييز والمفاضلة بين ما هو حسن وما هو سيئ وبين الغث والسمين لضمان الوقوف على نتائج إيجابية مكتملة النجاح. لهذا قد أسندت مهمة التبليغ إلى الأنبياء والأوصياء والأولياء الصالحين وثم إلى العلماء والمفكرين والمصلحين فالمبلغ مصلح يساهم في إصلاح الخلل من خلال التبليغ والتوجيه

(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) ـ الأحزاب /39

إلى اللقاء في الجزء الثاني

 

حسن كاظم الفتال

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار