أخبار اسلامية

وجعلنا من الماء كل شيء حي - بقلم الاستاذ عماد الهلالي

وجعلنا من الماء كل شيء حي - بقلم الاستاذ عماد الهلالي
المصدر: (واحة) وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف

وجعلنا من الماء كل شيء حي
بقلم الاستاذ عماد الهلالي


كيف نفهم هذه الآية وهل هي عامة لجميع أنواع الحياة؟ وهل تشمل الملائكة وغيرها من الكائنات؟
يمكن الإجابة بعدة مستويات:
1-إن المقصود بـ(كل شيء) كل شيء على الأرض من كائنات وحشرات وحيوانات ونبانات، فالسماء في الصيف تكون لا مطر فيها والأرض لا تنبت شيئا ثم تخرج الحياة مع نزول الماء في فصل الشتاء أو الخريف، فكل شيء هنا مقيدة، ولا يمكن فهم الإطلاق منها لتشمل جميع الكائنات كما قال الله تعالى عن ملكة سبأ [وأوتيت من كل شيء] وكما قال عن الكافرين [حتى إذا نسوا ما ذُكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء] فكل شيء هنا مقيدة بغرض أي كل شيء آتيناه لملكة سبأ مما يحتاجه الملوك، وكل شيء فتحنا بابه على الكافرين مما هم مقبلون عليه من أمر الدنيا، فيكون جعل كل شيء حي من الماء أي مما يبصره الناس ويلاحظونه في وجه الأرض ولا يشمل الملائكة.
2- أن يكون كل شيء خُلق فعلاً من الماء الاعتيادي حتى لو لم نفهم كيف حصل ذلك، كما أننا نقرأ القرآن وهو يقول أن الإنسان خلق من صلصال ولا نعرف كيف، فكذلك يمكن أن نقول أن الماء خلق الله منه كل شيء ولا نتحمل مؤونة تصويره للسائل إذا لم يعرف كيف خلقه الله، يكفي أن نعلم أن الله على شيء قدير.
3- إن يكون المقصود من الماء ليس هو الماء الطبيعي وإنما استعمل تعبير الماء هنا كمجاز وإشارة للماء الملكوتي لأنه يشترك معه في صفات أنه لا لون ولا طعم ولا رائحة له، فهو وجود ولكنه غير معروف، فيكون الماء المقصود هو المعرفة البسيطة التي لا تتميز بماهيات أو العلم الأول بالذات، أو غيرها، لا سيما مع ملاحظة قوله تعالى: [وكان عرشه على الماء] فالعرش ليس أمرا ماديا بل مجردا وهو العلم كما ورد والعلم لا يحمله الماء الاعتيادي.
وقد وردت آيات تلمح عن ذلك ففي سورة القرآن قال الله تعالى: [وأنزلنا من السماء ماءً طهورا..] ثم تستمر الآيات في وصف الماء إلى قوله تعالى: [فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيرا] فيفقد الشخص الاعتيادي قصير الفكرة تسلسل الآيات وينتبه الفطن إلى أن المقصود هو ماء ملكوتي، وهكذا يتضمن القرآن إشارات على المعارف العليا.
وذلك أن القرآن يخاطب جميع المستويات، والمعارف الكونية والأخروية العليا لا يطيقها جميع الناس فكان من الحكمة ترتيب الكلام ليكون على مستويات. ثم تتوفر إشارات من المعصومين للتنبيه على لتك المعارف مثل ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: [فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صباً... الآية] قال (عليه السلام): إلى علمه من أين يأخذه.
وورد في القرآن كثير من الأمور يعرف الفطن أن المراد بها ليس هو ظاهرها المادي كيد الله ووجه الله والعرش والكرسي.
وفي القرآن الكريم آيات شامخة المعاني لا يصلح أن نأتي با ونطرحها كإشكال على القرآن أو نتحدى بها المؤمنين لأنه لا أحد غير المعصوم يزعم أنه يعرف كل القرآن، وكيف يمكن الإحاطة بمعارف القرآن كلها.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار