المقالات والبحوث

بركة المال... السيد هادي المدرسي

بركة المال... السيد هادي المدرسي
المصدر: واحة وكالة انباء الحوزة العلمية

السيد هادي المدرسي

 

«مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» .

*

أحياناً يصرف الإنسان مالاً كثيراً ويحصل على نتائج قليلة أو لا يحصل على نتيجة أصلاً. وأحياناً يحدث العكس، فيصرف مالاً قليلاً ويحصل على نتائج كبيرة. فمن يحصل على نتائج قليلة يعتبر خاسراً، ومن يحصل على نتائج كبيرة يعتبر رابحاً.

وهذا يصدق على الربح والخسارة المعنويين، كما يصدق على الربح والخسارة الماديّين.

ويكون الربح الزائد من باب البركة، التي يعطيها الله لصاحبه، كما يمكن اعتبار الخسارة الكبيرة سلب البركة من صاحبها.

ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (ع) قال: «جاء رجل إلى رسول الله (ص) وقد بلي ثوبه (ص)، فحمل (الرجل) إليه (ص) اثني عشر درهماً، فقال النبيّ (ص): يا عليّ، خذ هذه الدراهم فاشتر لي ثوباً ألبسه، قال عليّ (ع): فجئت إلى السوق فاشتريت له قميصاً باثني عشر درهماً وجئت به إلى رسول الله (ص)، فنظر إليه، فقال: يا عليّ، غير هذا أحب إليّ، أترى أن صاحبه يقيلنا؟

فقلت: لا أدري.

فقال (ص): انظر (حاول).

- سورة البقرة، آية 261.

فجئت إلى صاحبه، فقلت: إنّ رسول الله قد كره هذا، (وهو) يريد ثوباً دونه (أقلّ قيمة) فأقلنا (الإقالة) فيه.

فردّ عليَّ الدراهم، وجئت بها إلى رسول الله (ص)، فمشى (النبيّ ص) معي إلى السوق ليبتاع قميصاً، فنظر إلى جارية قاعدة على الطريق تبكي، فقال لها رسول الله (ص): ما شأنكِ؟

قالت: يا رسول الله (ص)! إنّ أهل بيتي أعطوني أربعة دراهم لأشتري لهم بها حاجة، فضاعت، فلا أجسر أن أرجع إليهم.

فأعطاها رسول الله (ص) أربعة دراهم، وقال: أرجعي إلى أهلكِ.

ثمّ مضى رسول الله (ص) إلى السوق فاشترى قميصاً بأربعة دراهم ولبسه وحمد الله، وخرج فرأى رجلاً عرياناً يقول: من كساني كساه الله من ثياب الجنّة، فخلع رسول الله (ص) قميصه الذي اشتراه وكساه السائل.

ثمّ رجع إلى السوق فاشترى بالأربعة التي بقيت قميصاً آخر، فلبسه وحمد الله ورجع إلى منـزله، وإذا الجارية قاعدة على الطريق، فقال لها رسول الله (ص): ما لكِ لا تأتين أهلكِ؟

قالت: يا رسول الله (ص)! قد أبطأت عليهم، وأخاف أن يضربوني.

فقال رسول الله (ص): مري بين يدي، ودليني على أهلكِ، فجاء رسول الله (ص) حتّى وقف على باب دارهم، ثمّ قال: السّلام عليكم يا أهل الدار، فلم يجيبوه، فأعاد السّلام، فلم يجيبوه، فأعاد السّلام، فقالوا: وعليك السّلام يا رسول الله (ص) ورحمة الله وبركاته.

فقال (ص) لهم: ما لكم تركتم إجابتي في أوّل السّلام والثاني؟

قالوا: يا رسول الله، سمعنا سلامك فأحببنا أن نستكثر منه، فقال رسول الله (ص): إنّ هذه الجارية أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها، فقالوا: يا رسول الله (ص)! هي حرّة لممشاك.

فقال رسول الله (ص): الحمد لله، ما رأيت اثني عشر درهماً أعظم بركة من هذه، كسا الله بها عريانين، وأعتق بها نسمة» .

- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص 144.

حقّاً، إنّ المال الحلال، إذا نفق في سبيل الله كان فيه بركات دنيويّة وأخرويّة، أمّا المال الحرام فمهما نمى فلا بركة فيه في الدنيا، ويكون يوم القيامة وبالاً على صاحبه.

 

#السيد_هادي_المدرسي

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار