بقلم علي جميل الموزاني

      مصطلح المتقدمين والمتأخرين لدى فقهاء العامة:

      وقد عملت المذاهب الاخرى بهذا المصطلح أيضاً وميزوا بين المتقدمين والمتأخرين من علمائهم واعتمدوا نهاية القرن الخامس على نهاية زمن المتقدمين وما بعده يأتي زمن المتأخرين, وهو مقارب لما هو المعتمد لدى الإمامية في انتهاء مرحلة المتقدمين بانتهاء القرن الخامس.

      ومن فقاءهم المتقدمين فقد ذكروا منهم أبو بسطام شعبة بن الحجاج(160هـ) ويحيى القطان(ت198هـ)، وأحمد بن حنبل(241هـ), وإسحاق ابن راهويه(238هـ), والبخاري(256هـ) ومسلم(261هـ) وأبو داود(ت275هـ) والنسائي(ت303هـ) والترمذي(ت320هـ) والدارقطني(ت385هـ), وابو بكر البيهقي(ت458هـ) الذي يُعتبر خاتمة المتقدمين, كما هو الحال في الشيخ الطوسي(ت460هـ) الذي يعد خاتمة المتقدمين في المذهب الإمامي.  

      يقول الامام الشاطبي(ت790هـ) (وأما ما ذكرتُ لكم من عدم اعتمادي على التأليف المتأخرة، فلم يكن ذلك مني بحمد الله محض رأي, ولكن اعتمدت بسبب الخبرة عند النظر في كتب المتقدمين مع كتب المتأخرين، وأعني بالمتأخرين كابن بشير التنوخي(526هـ) وابن شاس الجذامي(616هـ) وابن الحاجب الكردي المالكي(646هـ))(1), ومنهم الامام النووي(ت676هـ) وابن تيمية(ت728هـ) وابن كثير(ت774هـ), وجلال الدين السيوطي(ت‏911 هـ‏) وشمس الدين السخاوي(ت902هـ) فكل من كان في القرن السادس وما بعده اعتبره الشاطبي من المتأخرين. 

      بينما يُقيّد الامام الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال(2) المُعدّ لبيان حال الرواة وتقييمهم بان نهاية زمن المتقدمين هو رأس القرن الثالث قائلاً (فالحد الفاصل بين المتقدم والمتأخر "من الرواة" هو رأس سنة ثلثمائة), ويمكن توجيه ذلك بانه ناظر الى تقسيم الرواة وليس الى الفقهاء والعلماء في تلك العصور, وربما يفهم من خاتمة مقدمة كتابه هذا المعنى, فيقول (ولو فتحتُ على نفسي تليين هذا الباب لما سلم معي إلا القليل, إذ الأكثر لا يدرون ما يروون, ولا يعرفون هذا الشأن, إنما سمعوا "أي الحديث" في الصغر, واحتيج إلى علوّ سندهم في الكبر, فالعمدة على من قرأ لهم, وعلى من أثبت طباق السماع لهم) فتأمل.

هوامش:_________________

(1) فتاوى الامام الشاطبي, لأبي إسحاق ابراهيم بن موسى الأندلس, ص163. 

 (2) ميزان الاعتدال, للذهبي, ج1, ص4.